فالمكلف ناو اجمالا لرفع الحدث به لو فرض كونه محدثا ولذلك قال الشيخ بصحته مع اشتراط النية ترفع والاستباحة وطعن عليه الحلى وتعجب منه العلامة وانتصر له في غاية المراد بان نية الاستباحة انما يعتبر مع التذكر إما إذا ظن المكلف حصولها فلا فإذا جدد فصادف حدثا في نفس الامر كان مرتفعا كيف وهم يعلمون شرعية المجدد باستدراك ما عساه فات في الأول ومثله استحباب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان تلافيا لما عساه فات من الأغسال الواجبة والاتفاق واقع على اجزاء يوم الشك ندبا والصدقة بدرهم تمرا تلافيا لما جاز لزومه في الاحرام انتهى لكن هذا التوحيد لا يصلح في مقابل العلامة الذي لا يقول بكفاية الوضوء الاحتياطي المنوي به التدارك صريحا فضلا عن هذا الوضوء الذي يكون حكمته الاحتياط والتدارك فالأولى ان يقال إن قصد تجديد الوضوء قصد لاحداث تلك النظافة التي ذكرنا ان المستفاد من الاخبار كونها من جنس النظافة الأولى فترفع الحدث لو صادفته نعم التوجيه الذي ذكره في غاية المراد حسن جدا لو قصد بالوضوء التجديدي الاحتياط والتدارك صريحا بان يلتفت إلى احتمال خلل في الطهارة الأولى فتوضأ بداعي التجديد على تقدير عدم الخلل والتدارك على تقدير الخلل فان الظاهر صحة هذه النية كما يستفاد من النصوص الواردة في نظايره التي ذكر الشهيد جملة منها ومن هنا يظهر حكم الوضوء المستحب عقيب المذي وأخويه حيث إن الظاهر أن المطلوب بالوضوء فيها تكميل النقص الداخل على الطهارة بسبب هذه الأمور والانصاف ان التجديد بملاحظة حكمه أولي برفع الحدث من هذا الوضوء فتأمل ويظهر أيضا حكم الوضوء المأتي به لمحض الاحتياط مع كون المكلف محكوما ظاهرا بالطهارة لاستصحاب أو شك بعد الفراغ ونحو ذلك فان الأقوى صحته وارتفاع الحدث به لو صادفه وهو أولي بذلك من الوضوء التجديدي ثم إن المحقق في المعتبر ذكر في الوضوء التجديدي ان الوجه فيه الصحة إذا نوى بالثانية الصلاة لأنها طهارة شرعية قصد بها فضيلة لا تحصل الا بها وذكر انه لو نوى به وضوء مطلقا لم يصح قال في الذكرى ان هذا الفرق يشعر بان المجدد عنده قسمان انتهى وقد تقدم عن المحقق في الوضوء للقرائة انه ان نوى وضوءا مطلقا لم يصح فلا بد من التأمل في مقصوده ثم إن الكلام في الوضوء المجدد جهة أخرى وهي نية الوجه فان من يعتبر نية الوجه لا بد له بعد القول بصحة هذا الوضوء والاغماض عن اعتبار نية الرفع والاستباحة من التفصيل بين ما إذا اتحد المتجدد والمتجدد في الوجه وبين إذا ما اختلفا وكذلك الكلام في الوضوء الاحتياطي والأقوى عدم اعتبار ذلك وان قلنا باعتبار نية الوجه ويظهر وجهه مما تقدم في نية الوجه واما القسم الرابع وهو وضوء الحايض والجنب إذا ظهر عدم الحدثين حال الوضوء فلم يتعرض له الأكثر نعم في البيان ولا يجزى وضوء الحايض ولو ظهر بعد الوضوء انقطاعه والأقوى فيه الصحة بناء على ما استفدناه من الاخبار من أن الوضوء حقيقة واحدة له تأثير واحد وهي نظافة معنوية فان وجدت محلا قابلا للتأثير اثرت وان لم يكن المحل قابلا فإن كان لوجود الأثر قبل الوضوء أكده كما في الوضوء المجدد ثم التأثير يكون بارتفاع الحدث إذا كان أصغر وبتخفيف الحدث الأكبر عطلتا أو لبعض الافعال كالنوم والاكل والذكر في أوقات الصلاة فالمؤثر في المحدث بالأصغر والأكبر شئ لكن يختلف اثره باعتبار المحل فإذا تبين كون الحايض منقطعة الدم اثر الوضوء اثره نعم من يعتبر نية الوجه أو نية الرفع أو الاستباحة فيشكل عليه الحكم بالصحة فافهم والمسألة محتاجه إلى التأمل وانما أطلنا زمام الكلام في هذا المقام لكون المطلب حقيقا بالاهتمام ولما ذكر المصنف اعتبار النية في الوضوء وعدم رفعه الحدث الا بها تفطن بحال إزالة الخبث (و) قال إنه (لا يعتبر النية) يعنى مطلق القصد فضلا عن قصد التقرب في (إزالة النجاسات) لان المقصود منها زوال النجاسة وقد علم من الشرع حصوله بمجرد إصابة المتطهر للنجس ولو من دون قصد ولا شعور من أحد مثل قوله كل شئ يراه المطر فقد طهر وقوله مشير إلى غدير من الماء ان هذا لا يصيب شيئا الا وقد طهره وقوله كلما أشرقت عليه الشمس فقد طهره هذا كله مضافا إلى اطلاقات الامر بالغسل عن النجاسات فان ظاهر الامر سقوط التكلف باتيان المأمور به بأي وجه كان نعم قد يقال إن ظاهر تلك الأوامر اعتبار المباشرة وكل واجب اعتبر فيه المباشرة اعتبر فيه النية وفيه مضافا إلى ظهور كثير من أدلة تطهير النجاسات في عدم لزوم المباشرة ان الاجماع بل الضرورة قائمة على عدم وجوب المباشرة في إزالة النجاسة ومما ذكر ظاهر انه لا وجه للاستشكال في المقام حتى قال في المدارك ان الفرق بين ما يجب فيه النية من الطهارات ونحوها وما لا يجب فيه من إزالة النجاسة وما شابهها ملتبس جدا لخلو الاخبار من هذا البيان انتهى وان ظاهر الامر عدم اعتبار النية وجوب مباشرة المأمور به وهما متنافيان لان كل فعل وجب فيه المباشرة وجب فيه النية بالاجماع والاستقراء الا انه بعد ما ثبت من الخارج عدم اعتبار المباشرة بقى ظاهر اللفظ من عدم اعتبار النية سليما عن المعارض نعم ربما ادعى ان الأصل الثانوي المستفاد من أدلة اعتبار النية في جميع الأعمال مثل قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وقوله صلى الله عليه وآله انما الأعمال بالنيات وقوله (ع) لاعمل الا بنية تقتضي كون كل عمل متوقفا على النية الا ما خرج وقد أوضحنا في الأصول وأشرنا هنا في أول مسألة النية إلى عدم تمامية هذا الأصل فراجع (ولو ضم) المتوضى إلى (نية) (التقرب) بالوضوء إرادة شئ اخر فلا يخلو إما ان يكون مباحا مثل التبرد والتسخن ونظافة العضو وغير ذلك من المقاصد المباحة واما ان يكون محرما كالرياء والسمعة أو محرما اخر واما ان يكون راجحا شرعا فالكلام في مقامات ثلاثة إما المقام الأول فالمحكى في قواعد الشهيد عن ظاهر الأكثر
(٩٤)