كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ٩٩
(يتضيق فيه) اجماعا وهو (عند غسل الوجه) كما عن البيان والنفلية والمحقق الأردبيلي قده وتلميذيه صاحبي المدارك والمعالم وغيرهم واعلم أنه لا خلاف عند المشهور حيث فسروا النية بالإرادة التفصيلية كما عرفت في أنه (يجب استدامة حكمها) في كل جزء من الوضوء ولا يضر انقطاعها في الأثناء مع عدم الاشتغال بفعل اتفاقا كما سيجئ ثم إن الوجه في وجوب هذه الاستدامة ما دل على اعتبار النية في العمل إذ مع عدم الاستدامة يقع الجزء الواقع حاله غير منوى واما كفاية الحكمية وعدم ايجاب الاستدامة الفعلية فتعذرها أو تعسرها وتخيل بعضهم ان الدليل على وجوب الحكمية انه لما تعذرت الفعلية لم تسقط الحكمية لقاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور فاخذ في الرد عليها تارة وعدم جريانها في المقام أخرى نعم قد يورد عليه ان اللازم من تعذر الفعلية دائما مراعاتها بقدر الامكان لكن الانصاف انه عسر جدا وان اللازم من تعذر الفعلية عدم وجوب احظار المنوي بقيودها التفصيلية فلم لا يكفي باحظاره بعنوان اجمالي وفيه ان العسر انما هو بالتزام الاحظار وعدم الذهول والغفلة عنه وكيف كان فلا غبار في وجوب هذا المقدار وانما البحث مع المشهور في اعتبار الزايد من ذلك في أول العمل وهلا جعلوا النية الفعلية هذه التي سموها حكمية وكيف كان فالمراد بها كما عن الشيخ والفاضلين والمحقق والشهيد الثانيين وغيرهم ان لا ينتقل من ذلك النية إلى نية تخالفها فإنه إذا كان كذلك كان حكم النية السابقة يعنى اثرها العقلي والشرعي والعرفي مستمرا غير منقطع ثم اللازم من عدم الانتقال إلى نية الخلاف انه كلما توجه ذهنه إلى الفعل المنوي في أثناء الاشتغال به تجدد له قصد تفصيلي وعزم على اتيان الفعل على النحو المنوي سابقا لان صدور الفعل الاختياري من المتردد غير معقول كما عرفت سابقا والمفروض انه غيرنا وللخلاف فلا يبقى الا كونه عازما على المضي في الفعل قاصدا له تفصيلا نعم الفرق بين هذا القصد التفصيلي والنية الابتدائية كون النية في الابتداء مشتملة على قيود الفعل والغاية تفصيلا وهذا مشتمل عليهما اجمالا وإن كان القصد تفصيليا لكونه مع الشعور والالتفات واما العزم والقصد الاجمالي المجامع لعدم الشعور فهو موجود دائما وان لم يتوجه الذهن ولم يلتفت إلى الفعل لما عرفت من كلام المحقق الطوسي وغيره من أنه يحدث انا فانا إرادة جزئية بحسب الحركات وان لم يشعر الفاعل بها وبالجملة فهناك أمور ثلاثة النية التفصيلية وهي إرادة الفعل مع الشعور به وبجميع مشخصاته وغايته وهي معتبرة في أول العمل وإرادة تفصيلية مع الشعور به بعنوان اجمالي من حيث المشخصات وإرادة اجمالية من دون شعور بالفعل أصلا فإذا تحقق الأول من هذه الأمور ولم تحدث بعدها الانتقال إلى خلافها حصل الامر ان الأخير ان لكن الأول منهما موقوف على توجه الذهن إلى الفعل وتذكره له ثم إن حكم المشهور بوجوب الاستدامة بذلك المعنى مختص بحال تذكرة الفاعل الفعل والتفاته إذ وجوبها حال ذهوله وعدم تذكره للفعل تكليف للغافل وايجاب التذكر عليه دائما على ما فر منه من التعذر والقناعة بالاستدامة الحكمية عن الفعلية إذا عرفت ذلك سهل عليك ارجاع ما ظاهره المنافاة لتفسير المشهور إليه إما ما ذكره في الذكرى من أن معنى الاستدامة البقاء على حكمها والعزم على مقتضاها فهو وان جعله الشهيد والمحقق الثانيان مقابلا للمشهور الا ان مراده عند التأمل ان الواجب على المكلف هو البقاء والعزم وانما يصير المكلف موردا لتكليفه بهما ووجوبهما عليه إذا توجه ذهنه إلى الفعل فمعناه انه يجب على المكلف إذا ذكر الفعل في أثناء الاشتغال به ان يبقى على حكم النية الأولى ويعزم على مقتضاها وقد عرفت ان هذا لا ينفك عن عدم نية الخلاف الذي هو تفسير المشهور ووجوب عدم نية الخلاف لا ينفك عن وجوب العزم والمضى على النية الأولى بعد بداهة عدم امكان صدور الحركة الاختيارية بدون إرادة ولأجل ما ذكرنا نسب الفاضل المقداد الذي هو أحد تلامذة الشهيد ولا يخفى عليه موارد مخالفته للأصحاب تفسير الشيخ للاستدامة إلى الفقهاء مسفها باتفاقهم عليه وانما دعى الشهيد إلى تفسيرها بذلك لأن عدم نية الخلاف أمر عدمي لا ينبغي ان يفسر به الاستدامة ولا ان يجعل في خير الوجوب وهو كذلك فان تفسير الشيخ ومن تبعه عند التأمل لا يخلو عن مسامحة من هذه الجهة فان استدامة النية نظير أحدثها أمر وجودي واقع في خير الوجوب عند التفات المكلف إلى الفعل وخطوره في ذهنه لكن وجوب احداثها مطلق بالنسبة إلى الاخطار فيجب اخطار الفعل بمشخصاته لأجل إرادة المقارنة ووجوب استدامتها مشروط بخطور الفعل في ذهن المكلف وتذكره له إذ لو وجب الاخطار مقدمة لها يرجع إلى الاستدامة الفعلية وربما يوهم هذا المعنى تفسير الاستدامة في الغنية والسرائر بان يكون المكلف ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها لكنه بظاهره خلاف الاجماع فينبغي ان يجعل قوله غير فاعل تفسيرا للذاكر كما قيل أو يجعل قوله ذاكر حالا لا خبرا فمعنى الاستدامة ان يكون الشخص في حال التذكر للنية السابقة والالتفات إليها غير فاعل لنية تخالفها فافهم ولذا لم يجعل أحد هذا التفسير تفسيرا ثالثا لتفسيري المشهور والشهيد مع دعوى القائل به الاجماع على ومما ذكرنا يظهر اتحاد التفسيرين المحكيين في قواعد الشهيد قده فإنه بعد بيان الاكتفاء بالاستمرار الحكمي قال وفسر بتجديد القوة كلما ذكر ومنهم من فسره بعدم الاتيان بالمنافى وقد فسرناها في رسالة الحج انتهى وليس في كلام الشهيد الا تعدد العبارة في التفسير ولا دلالة فيه على اختلاف بينهما في المعنى فان الكل متفقون على وجوب تجدد العزم إذا ذكر إذ لو لم يتجدد العزم عند التذكر وقع ذلك الجزء لا محالة بنية مخالفة لنية الوضوء لان وقوع الحركة الاختيارية لا بنية ممتنعة ونية الوضوء مفروض العدم وكيف كان فتجدد العزم عند الذكر لابد منه مع فرض عدم نية الخلاف واما اختصاص وجوبه بصورة التذكر فلان وجوبه مطلقا يستلزم وجوب التذكر مقدمة فيرجع إلى الاستدامة الفطنه وظهر مما ذكره
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263