المسألة (الرابعة لا) اشكال في أنه (يجزى) من الماء (في الغسل) الواجب في الوضوء (ما) يسمى في العرف غسلا وفاعله غاسلا ولا يعتبر انفصال بعض الماء المغسول به كما يعتبر في غسل النجاسات بل يجزى ولو كان الماء (مثل الدهن) أو الفعل مثل الدهن بفتح الدال في كون المقصود ايصال الماء إلى جميع العضو لإزالة وسخ من المغسول واذهابه عنه مع الماء المنفصل عنه كما هو الملحوظ في رفع الخبث والتشبيه بالدهن في عبارات الأصحاب كالماتن في كتبه والعلامة قده في القواعد وغيرها تبعا للنصوص ففي صحيحة زرارة وابن مسلم ان الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه وان المؤمن لا ينجسه شئ وانما يكفيه مثل الدهن وفيها دلالة واضحة على ما ذكرنا من أن التشبيه بالدهن من حيث كون المقصود ايصال الماء إلى الأعضاء لا اذهاب قذارة من المحل لغلبة الماء عليه ثم انفصاله عنه كما هو الملحوظ في رفع القذارات الشرعية والعرفية وليس وجه الشبه كفاية مجرد الامساس سواء جرى أم لا وفى موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان عليا (ع) كان يقول الغسل من الجنابة والوضوء يجزى منه ما أجزء من الدهن الذي يبل الجسد وموثقة زرارة في غسل الجنابة افض على رأسك ثلاث اكف وعلى يمينك وعلى يسارك انما يكفيك مثل الدهن وبالجملة فالتشبيه بالدهن في النصوص والفتاوى يحتمل كونه من حيث القلة وكونه من حيث إن الغرض من استعماله امساس البدن دون انفصاله عنه بوسخ ويحتمل من حيث كون الاستعمال فيه أعم من كونه على وجه التمسح أو الاجراء وعلى الأولين فهو ساكت عن نفى اعتبار الجريان واثباته نعم هو على الثالثة ظاهر في نفى اعتباره لكنه خلاف النصوص والفتاوى فلا يرفع به اليد عن أدلة الغسل من الكتاب والسنة خصوصا ما نص فيه على الجريان ومما ذكرنا يظهر انه لا تنافى بين هذه الأخبار وبين ما دل من الكتاب والسنة على اعتبار تحقق الغسل بناء على أن المأخوذ فيه اجراء الماء على العضو كما صرح به غير واحد فلا داعي إلى التزام كفاية مثل الدهن في مقابل أدلة الغسل فيكون قد اكتفى الشارع عن الغسل بما ليس غسلا مستشهدا على ذلك بما دل على كفاية مس الماء للجلد ومسحه به و اصابته له مثل قوله (ع) في صحيحة زرارة في الوضوء إذا مس جلدك الماء فحسبك وصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) اغتسل أبى من الجنابة فقيل له قد أبقيت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء فقال أبى (ع) ما كان عليك لو سكت ثم مسح تلك اللمعة بيده ولا يخفى ما في الالتزام المذكور من التعسف والتأويل في أدلة وجوب الغسل في الوضوء والغسل بحملها على بيان الفرد الغالب من فردي الواجب التخييري أو الأفضل منها وطرح ما ظاهره اعتبار الجريان مثل قوله (ع) في حسنة زرارة الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه وقوله (ع) ما أحاط به الشعر فليس للعباد ان يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء وقوله في صحيحة ابن مسلم الواردة في الغسل ما جرى عليه الماء فقد طهر و موثقة إسحاق بن عمار المتقدمة بناء على كون اجرى فيها بالراء المهملة كما يظهر من التذكرة وغيرها ومن هنا اشتهر اعتبار الجريان عند الأصحاب حتى أن المحكي عن المجلسي في حاشية التهذيب ان ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه وعن الشهيد الثاني في بعض تحقيقاته انه المعروف بين الفقهاء سيما المتأخرين وعن كاشف اللثام انه كذلك في العرف واللغة ونحوه الحلبي في السرائر وأقل ما يجرى من الماء في الأعضاء المغسولة ما يكون به غاسلا وإن كان مثل الدهن بفتح الدال بعد أن يكون جاريا على العضو والا فلا يجزى به لأنه يكون ما سحا وفى أصحابنا من اطلق الدهن من غير تقييد للجريان وقيده بذلك في كتاب اخر له والصحيح تقييده لأنه موافق للبيان الذي انزل به القران ثم حكى عن السيد في الناصريات حمل حمل اخبار الدهن على دهن يجرى على العضو نعم ربما يقال إن الظاهر المتبادر من الغسل في العرف معنى لا يصدق على مثل الدهن بل يعتبر فيه استيلاء الماء على المحل وانفصال بعضه عنه فالغسل عندهم لا ينفك عن الغسلة فلا بد إما من التزام ما ذكر سابقا من كون الدهن مقابلا للغسل وقد عرفت بعده عن ظواهر اعتبار الغسل والجريان واما من حمل ذلك على بيان الفرد الخفي للغسل بل قد يتردد في صدق الغسل على هذا الفرد من جهة تبادر غيره المردد بين التبادر الوضعي والاطلاقي وكيف كان فالظاهر عدم اعتبار امرار اليد في الغسل لما دل على كفاية الوصول والجريان والإصابة فيجوز الامرار في الوضوءات البيانية للعادة حيث إن استيعاب الغسل للعضو بالماء القليل لا يكون الا بالامرار مع أن في ثبوت الوجوب بها اشكالا غمس الأعضاء في الماء نعم قد يستشكل من جهة المسح باليد المغموسة الا ان ينوى الغسل بالخروج أو بالدخول والخروج معا والأحوط ترك غمس المقدار الذي يمسح به (ومن كان في يده خاتم أو سير) أو نحوهما مما لا يصل إليه الماء بمجرد الصب على العضو (فعليه ايصال الماء إلى ما تحته) بأي نحو كان وتخصيص السير والخاتم بالذكر في بعض العبارات بيان للفرد الغالب أو الأسهل (وإن كان واسعا) يعلم وصول الماء إلى ما تحته بدون التحريك وإن كان فرضا نادرا في الغسل المتعارف لم يجب العلاج لحصول الوصول وانما (استحب له تحريكه) للاستظهار ويمكن ان يقال إنه ان لم يحصل القطع بالوصول وجب التحريك وان قطع به لم يبق محل للاحتياط الا استحباب الايصال بالتحريك لا استحباب التحريك للايصال بعد العلم بالوصول وفائدته حينئذ ان يراد دفع الشك الواقع بعد ذلك الموجب لكلفة العود إن كان قبل الفراغ ولتزلزل النفس من حيث الواقع إن كان بعده أو لدفع تبين عدم وصول الماء إليه الموجب لكلفة الإعادة ويدل على الاستحباب مضافا إلى ما ذكر من الاستظهار
(١٤٠)