نظر إلى بقاء الرطوبة الأصلية معها ما دامت باقية أو يقدر زمانه بما لو لم يطرء عليه هذه الرطوبة قطع بالثاني بعض متأخر المتأخرين وفيه نظر ثم إن ظاهر الأكثر ان القادح هو جفاف جميع ما تقدم لاستصحاب الصحة ولعدم حصول التبعيض بالمذكور الا بذلك ولأنه الظاهر من قوله (ع) في الرواية المتقدمة حتى يبس وضوئك وقد يستدل تبعا للمعتبر والمنتهى بما دل من النص والاجماع على الاخذ من اللحية والحواجب والأشفار إذا نسى المسح ويمكن ان يقال إن تخصيصها بالذكر لأجل قابليتها للاخذ منها بخلاف البلل الكائن على باقي الأعضاء فإنها وان بلت لكنها غالبا لا تقبل للاخذ منها ويؤيد ذلك أنه قد ذكر اللحية والحواجب من اعتبر بلل خصوص العضو السابق على العضو المنقطع عليه كالحلي فإنه قال في السرائر فإن لم يكن في يده أي ناسي المسح بلة اخذ من حاجبه أو لحيته أو أشفار عينه إن كان في ذلك نداوة انتهى ولا يخفى ان ظاهر العبارة جفاف اليد وهو مبطل عند الحلى تبعا للسيد كما عرفت من السرائر والناصريات وحكى عن المراسم والمهذب والإشارة والمحكى عن الإسكافي اعتبار وجود البلل على مجموع الأعضاء ولعله لصدق تبعض الوضوء عند جفاف بعض الأعضاء وفيه ما لا يخفى وعلى المختار فيكفي بلل الغسل المستحب إذا لم يكن استحبابه من جهة التسامح في أدلة السنن وبالجملة فكل بلل يجوز المسح به يكفي بقاؤه في الموالاة وقد يكفي في الموالاة ما لا يجوز المسح كما إذا انصب على يده اليمنى ماء أجنبي استهلكت رطوبتها فان بقاء هذه الرطوبة كان في الموالاة ولا يجوز المسح بها كما إذا اغترف باليمنى غرفة لغسل اليسرى المستحب فجف ما عدا الكف المغترفة لهذا الغسل فإنه كاف في البلل لكن لا يجوز المسح به لو فرض اليداله في الغسلة المستحبة فتركها وكيف كان فلا اشكال في رجحان الموالاة بمعنى المتابعة لرجحان المبادرة والمسارعة إلى الطاعة واما رجحانها بمعنى كونها من مستحبات الوضوء فلا دليل عليه الا الوضوءات البيانية بناء على رجحان التأسي فيما لا يعلم وجهه خصوصا أو عموما من حيث وقوعه بيانا لمجمل وفى دلالتها على المدعى نظر الاحتمال كون المتابعة فيها من باب جريان العادة بذلك في الفعل البياني في مقام التعليم مع أنه لا يثبت الا ما هو المتيقن من رجحان المتابعة نفسا لا كونه من مستحبات الوضوء ومن هذا يعلم أنه لو نذر الموالاة بمعنى المتابعة وعدم التفريق على القول بعدم اشتراطه في الصحة إذا لم يحصل الجفاف في وضوء معين فقد نذر مستحبا مستقلا في عبادة لا يوجب خثه الا الكفارة ولم يتعلق نذره بالفرد المستحب من العبادة حتى يمكن ان يدعى ان المستحب الغيري صار بالنذر واجبا غيريا فيقدح الاخلال به في صحة الوضوء مع أنه لو فرض صيرورته واجبا غيريا بالنذر كما لو صرح بنذر الوضوء المتصف بالتوالي لم يلزم من بطلان هذا الوضوء المقيد بالموالاة بمعنى عدم مطابقته للمأمور به بالامر النذري بطلان الوضوء بمعنى مخالفته للمأمور به بالامر الأصلي المتعلق بالوضوء لان الامر الأصلي والامر النذري ليسا من قبيل المطلق والمقيد والظاهر أنه لا فرق بين ان يقصد بفعله الاتيان بالمنذور أو لا يقصد مع تعين الموالاة عليه في ذلك الوضوء أو في ذلك الوقت ولنذرك بعض كلمات الأصحاب التي هي بين ترجيح الصحة والتردد وترجيح بطلانه وتفصيل بين نذر الموالاة ونذر الوضوء الموالى فيه قال في القواعد ونذر الوضوء مواليا فأخل بها فالأقرب الصحة والكفارة انتهى وفى الايضاح احتمل صحة الوضوء لان المنذور يشترط فيه ما يشترط في الواجب والموالات ليست شرطا في صحة الواجب بل واجبة فيه فيصح الوضوء قال ويحتمل عدم الصحة لان الصحة المشترطة في النذر لم يحصل فيبطل لان فائدة الشرط ذلك ولأنه لم يأت بالمنذور وقد نواه فيبطل فان قلنا بالبطلان والوقت باق أعاد ولا كفارة وان قلنا بالصحة وجب الكفارة وان خرج الوقت وجب الكفارة سواء قلنا بالبطلان أو الصحة انتهى وقال في الذكرى فيما لو نذر المتابعة في الوضوء فأخل بها ولم يجف ان في الصحة وجهين مبنيين على اعتبار حال الفعل واصله فعلى الأول لا يصح وعلى الثاني يصح إما الكفارة فلازمة مع تشخص الزمان قطعا لتحقق المخالفة وهذا يطرد في كل مستحب وجب لعارض انتهى وعن جامع المقاصد البطلان استنادا إلى عدم المطابقة لان المعتبر في صحة النذر هو وحاله الذي اقتضاه النذر فما نواه لم يقع وما وقع لم ينوه وعن المدارك لو نذر التتابع فيه واخل بها صح لان النذر أمر خارج عن حقيقته كما لو نذر القنوت في الصلاة والقول بالبطلان ضعيف إما لو كان المنذور هو الوضوء المتتابع فيه اتجه البطلان لعدم المطابقة انتهى وفيه ان المطابقة بين المأتي به والمأمور به بأوامر الوضوء حاصلة وقصد الاتيان بالمنذور لا ينافي قصد الاتيان بالمأمور به الأصلي كما لا يخفى وعدم قصد المنذور أيضا لا يضر بالمأتى به وان قلنا إن الامر بالشئ يقتضى النهى عن ضده الخاص لان فوات الموالاة يوجب فوات الوضوء المنذور إذا فرض تعين زمانه فيتم الوضوء بقصد امتثال الامر الأصلي به ولا يقدح لو قصد امتثال الوضوء المنذور في أول العمل لأنه مشتمل على قصد الامر الأصلي أيضا فافهم والله العالم المسألة {الثالثة الفرض في الغسلات} غسل كل عضو تمامه (مرة واحدة) ولو بغرفات متعددة بلا خلاف ولا اشكال للكتاب والسنة المتواترة معنى (و) إما المرة الثانية فالمشهور بل المجمع عليه كما عن جماعة انها (سنة) لقوله (ع) الوضوء مثنى مثنى ومن زاد لو يوجر بناء على إرادة المشروعية لعدم وجوب الثانية اجماعا وقوله (ع) فرض الله الوضوء واحدة واحدة ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله اثنين اثنين وقوله (ع) لا عجب ممن يرغبان يتوضأ اثنين اثنين وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله اثنين اثنين وقول أبى الحسن الرضا (ع) ان الوضوء مرة فريضة واثنتان اسباغ وخبر داود الرقي في المحكي في الوسائل عن الكشي بسنده عن داود الزربي قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك كم عدة الطهارة فقال (ع) إما
(١٣٧)