رواية عمار قال سئلته عن الرجل يريد ان يستنجى كيف يقعد قال عليه السلام كما يقعد للغايط ورد بعض الفحول دلالتها بعد الإغماض عن سندها بان المراد من ذلك الرد على العامة حيث يقعدون للاستنجاء نحوا اخر من زيادة التفريح وادخال الا نمله أقول ادخال الأنملة لم يوجبه الا محمد بن الحسن الشيباني وزيادة التفريح لم أعثر عليه مسندا إلى أحد من العامة وعلى تقديره فظاهر الرواية السؤال عن جميع الكيفيات التي يحب القعود عليها فالجواب يدل على العموم فيشمل الاستقبال والاستدبار فتأمل والله العالم {الثاني في الاستنجاء} وهو استفعال من النجو وما يخرج من البطن أو الغايط كما في الصحاح وفيه استنجى أي مسح موضع النجو أو غسله وفيه عن الأصمعي استنجيت النخلة إذا التقطت رطبها واستنجيت الشجرة قطعته من أصله وكان المسح مأخوذ من الاستعمال الأول والغسل من الثاني وشرعا كما في الذكرى إزالة البول والغايط الناقضين عن مخرجهما ويرد عليه إزالة القذر المتعدى عن المخرج منهما وعمد الملازمة بين ناقضية الخبثين وصدق الاستنجاء على ازالتهما كما لا يخفى فالأولى فيه الرجوع إلى العرف وكانه قده تصدى لبيان المعنى العرفي على وجه يدخل فيه بعض الافراد الخفية ولا خلاف في وجوب أصل الاستنجاء بمعنى اشتراطه في الصلاة لعموم ما دل على وجوب إزالة النجاسة عن البدن وخصوصا الاخبار في المقام بل ظاهر بعضها اشترطه في الوضوء بمعنى إعادة الوضوء مع نسيان الاستنجاء من البول كما عن الصدوق لكنه ضعيف ولا خلاف أيضا (في أنه يجب غسل مخرج البول بالماء) ولو كان مضافا على قول السيد قدس سره وإن كان ضعيف الأخبار العامة والخاصة في عدم كفاية غيره ففي صحيحة زرارة ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار واما البول فلا بد من غسله بالماء وفى رواية يزيد بن معوية ولا يجزى من البول الا الماء لكن الوجوب انما يثبت مع القدرة ويسقط لا معها كما في واجب وفى وجوب إزالة العين كما صرح به الشيخان وابن حمزه والحلبي و المحقق والعلامة والشهيد وغيرهم بل الظاهر أنه المشهور وعدمه كما حكى عن ظاهر المتأخرين قولان يشهد لثانيهما الأصل وان الواجب هو التطهير لا جزء له خارجا ولا ذهنا حتى يجرى فيه قاعدة وجوب الاتيان بالميسور وما أستطيع مع أن في جريانها في الأجزاء الغير الخارجية كلاما ويمكن ان يستدل له باطلاق ما دل على أن حد الاستنجاء النقاء كما في حسنة ابن المغيرة الآتية بناء على عموم الاستنجاء فيه للبول وحصول النقاء بإزالة العين فقط ولذا استدل به جماعة في كثير من مسائل الاستجمار الذي لا يشترط فيه ذهاب غير العين الامر تقييد الاطلاق في الغسل بالماء بإزالة الأثر مع القدرة فيبقى صورة العجز داخلة في اطلاق كفاية النقاء لكن سيأتي ان الرواية غير شاملة للاستجمار وان عممها له جماعة وحمل النقاء على زوال الأثر أولي من حمله على زوال العين وتقييده من الخارج بزوال الأثر الخروج الحد عن كونه حدا والتصرف في ظاهر التحديد بعيد مع أن الظاهر من النقاء هو زوال الأثر لأنه بمعنى النظافة لغة واضعف من ذلك استدلال العلامة قده بخبر عبد الله بن بكير عن الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحايط قال كل شئ يابس زكى لأن الظاهر كونه بمنزلة الزكي في عدم سراية النجاسة لا في حكم اخر من احكام الطاهر ولا دليل على وجوب جعل البدن النجس بحيث لا يسرى نجاسته نعم يجب التحفظ حتى لا ينجس به ثوبه أو موضع اخر من بدنه وقريب منه في الضعف ما تمسك به في الوسائل من خبر زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) عن طهور المرأة في النفاس إذا طهرت وكانت لا تستطيع ان تستنجي بالماء انها ان استنجت أعقرت هل لها رخصة ان تتوضأ من خارج وتنشفه بقطن أو خرقة قال نعم ينقى من داخل بقطن أو خرقة الخبر فان ظاهر الرواية غسل ظاهر الفرج وتنشيف داخله والداخل لا يجب غسله الا ان يراد من الداخل ما يظهر عند قعودها للتخلي بحيث يجب غسله مع القدرة لكونه من الظاهر ويمكن الاستدلال عليه بعموم مثل قوله تعالى والرجز فاهجر وقوله تعالى في الخمر وشبهه فاجتنبوه ونحو ذلك حيث دلت هذه على وجوب هجر النجاسات واجتنابها في الصلاة ونحوها وأقل مراتب الهجر والاجتناب إزالة عينها وفى مثل هذه يجرى قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور ويمكن الاستدلال عليه أيضا بما دل على المنع عن الصلاة في النجس فان العين ما دامت في البدن يصدق انه صلى في النجس لان كلمة في التلبس لا الظرفية نظير قوله (ع) كلما لا يؤكل في الصلاة في بوله وروثه وكل شئ منه غير جائز وإذا زالت العين لم يصدق انه صلى في النجاسة نعم صلى مع نجاسة البدن ومناط هذا الاستدلال ان الصلاة في النجس عنوان للمنع غير الصلاة بنجاسة البدن فإذا تعذر تحصيل الثاني لم يسقط الأول ويمكن منع ذلك ولو قلنا بعدم جواز حمل النجاسة في الصلاة كان وجوب إزالة العين أوضح ولا ريب ان ما ذكره وأحوط في وجوب تخفيف حكم النجاسة كما إذا لم يقدر الا على غسل الثوب من البول مرة بل وكذا ازاله بعض اجزائه دون الباقي وجهان واعلم أنه قد اختلف الاخبار وكلمات الأصحاب (في أقل ما يجزى) من الماء في إزالة البول ففي رواية نشيط بن صالح عن أبي عبد الله (ع) سئلته كم يجزى من الماء في الاستنجاء من البول قال مثلا ما على الحشفة من البلل وبه عبر في المقنعة والمبسوط وقبلهما الصدوق وبعدهما جماعة ونسبه جماعة إلى المشهور والمراد من الحشفة مطلق المخرج المعتاد وان لم يكن طبيعيا بل وغير المعتاد أيضا والاستدلال به للمرتين مبنى على إرادة التعدد من المثلين لأنه حكم إزالة مطلق البول والمراد من البلل هي الأجزاء اللطيفة المائية المعبر عنها عرفا بالرطوبة لا نفس الرطوبة كما ظنه بعض فاعترض على من فسره بالرطوبة بأنها عرض لا يقدر به الماء وزعم ذلك وجها لوجوب رفع اليد عن ظاهر الرواية والانصاف ان سند الرواية لا يخلو عن اعتبار وخصوصا مع انجبارها بالشهرة بحيث عبر الأصحاب بمتنها واما الرواية الأخرى لنشيط بن صالح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله
(٧٠)