كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ١٤٩
على ايقاع المبطل للعمل الغير الباطل في نفسه فإذا شك في صحة عمل في نفسه أو بطلانه فلا يعلم أن رفع اليد عنه ابطال له فلا يحرم لأصالة البراءة واما إرادة مطلق رفع اليد من الأبطال حتى يكون تحريمه كاشفا عن صحة العمل فهو خلاف الظاهر مضافا إلى أن اللازم من العمل بعموم الآية تخصيصه بالأكثر بل الباقي تحت العموم كالقطرة في جنب البحر الخارج عنه ومن هذا يظهر لك قوة القول باستيناف الصلاة بطهارة جديد مع أنه الجملة بل هو أحوط من الاتمام والإعادة لأنه مستلزم لفوات قصد الوجه الذي قال الأكثر بوجوبه وان لم نقل به قال في الذكر تفريعا على قول الشيخ بالإعادة لو توهم البئر فكشف فظهر عدمه أمكن وجوب إعادة الوضوء لظهور ما يجب غسله ووجه العدم ظهور بطلان ظنه أقول لا مجال للشك في وجوب الإعادة مع فرض عدم تضرر البشرة بالغسل وان لم يستغن عن الجبيرة و ظهور بطلان ظنه لا يوجب عجزه عن الوضوء الصحيح ولا مجال أيضا للشك في عدمه مع فرض الضرر وقيل تفريعا على القول بعدم وجوب الإعادة لو ظهر سبق البئر ولما يعلم به حين الوضوء اتجه الإعادة أقول قوله ولو ظهر فيه نظر لأنه حين الوضوء متعبدا بظنه بالضرر فالعذر الواقعي في حقه منع الشارع له عن الوضوء التام لا الضرر الواقعي حتى يكون ظنه طريقا إليه فيدخل في مسألة من أدي تكليفه بالطريق الظاهري فانكشف خلافه {المسألة السادسة لا يجوز} ولا يجزى (ان يتولى) شيئا من (وضوئه غيره) لأنه المخاطب به وظاهر الخطاب المباشرة وإرادة الأعم منه ومن التسبيب مجاز لا يصار إليه الا مع القرينة بل هو أبعد من إرادة خصوص التسبيب في مثل قوله يا هامان بن لي صرحا نعم قد يدل الدليل الخارجي على أن غرض الامر وداعيه إلى الامر تحصيل المخاطب الفعل ولو بالتسبب بل قد يدل على الدليل كون الغرض حصول الفعل ولو من غير تحصيل فضلا عن المباشرة كما في الواجبات التوصلية وبالجملة فظاهر الامر عدم حصول الامتثال بغير المباشرة بل عدم سقوطه الا ان يقوه الدليل على إرادة مطلق التحصيل فيحصل الامتثال بالتسبيب كما في أمر الشارع ببناء المسجد أو يدل دليل على كون الغرض مطلق الحصول فيسقط به ولو من دون تحصيل هذا واما ما يقبل الاستنابة من العبادات فليس فيها تعميم المأمور به بفعل المخاطب وفعل غيره وانما ينزل الغير منزلة المخاطب بأدلة قبول الفعل للنيابة فإن كان أدلته عامة كانت محكمة على جميع الأوامر ولو كانت من العبادات الا ان تقرب النائب من حيث إنه انه نائب تقرب المنوب عنه كما حقق في استيجار العبادات وإن كانت خاصة حكمت في موردها وما لم يثبت فيه الدليل لم يحكم فيه بذلك التنزيل و كيف كان فصدور الفعل من الفاعل المخاطب كوقوعه على المفعول من مقومات المأمور به لا من الأمور الخارجة عنه المعتبر فيه فكما ان ضرب عمر وليس في شئ من المأمور به في قول الامر اضرب زيدا كذلك ضرب ضارب اخر غير المخاطب ومن ذلك كله يظهر انه لا مجال لان يقال إن ظاهر الأوامر لا يقتضى سوى كونه مأمورا بالمباشرة واما الشرطية فلا دليل فيها عليه فتبقى عمومات الوكالة والنيابة محكمة يصح اثبات المشروعية بها فيكون الأصل جواز الوكالة والنيابة في جميع العبادات واضعف من هذا القول تسليمه في التوصليات ومنعه في العبادات مستندا في الفرق إلى ظهورها في إرادة القيد الظاهر في المباشرة والخلط في هذا كله بين الشرط والمقوم وبين ما نحن فيه من التولية في الواجب وبين الوكالة والنيابة في الواجبات وبين العبادات والتوصليات مع اشتراك الكل في إرادة التعبد من الامر فيها وان سقط التعبد بغير وفى التوصليات وبين سقوط الامر وحصول الامتثال يظهر بالتأمل فيما ذكرناه ثم إنه ربما يستدل على وجوب المباشرة بقوله تعالى ولا يشرك بعبادة ربه أحدا بناء على ظاهره المفسر به في بعض الأخبار من تحريم الاشراك في العبادة كقول أبى الحسن الرضا صلوات الله عليه للوشاء لما أراد ان يصب عليه الماء للوضوء فنهاه عنه فقال له لم تنهاني ان أصب عليك الماء أتكره ان اوجر قال (ع) توجر أنت وأوزر انا فقلت له وكيف ذلك فقال إما سمعت الله عز وجل يقول فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وها انا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره ان يشرك فيها أحد وقوله صلوات الله عليه للمأمون لما صب الغلام على يده الماء للوضوء يا أمير المؤمنين لا تشرك بعبارة ربك أحدا وقريب منهما غيرهما مما استشهد فيه بالآية على النهى عن الاشراك ولكن الانصاف ضعف الاستدلال بها في المقام لان الاستدلال إن كان بظاهرها مع قطع النظر عما ورد في تفسيرها ففيه انها انما تدل على النهى عن الاشراك في العبادة بان يدخل غيره معه في الفعل بقصد العبادة والاجر من الله تعالى ليشتركا في عبادة الله عز وجل وهذا لا يكون الا إذا كان الفعل مستحبا في كل حق منهما وهذا ليس محرما ولا مكروها واما محل الكلام وهو مجرد صدور الفعل منهما معا وان لم يقصد شريكه العبادة بل اعانه لفرض اخر من طمع أو خوف فلا يدخل تحت المنهى عنه الا ترى ان الاشراك مع الغير في بناء المسجد لأجرة جعلت له أو لغرض اخر غير التقرب إلى الله لا يعد من الاشراك في العبادة فتحصل ان محل الكلام ومدلول الآية متغايران وإن كان الاستدلال بملاحظة ما ورد في تفسيرها ففيه أولا ان الاخبار متعارضة في تفسيرها في رواية جراح المدايني عن أبي عبد الله (ع) الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله وانما يطلب تزكية الناس يشتهى ان يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربه أحدا ولا ريب ان إرادة ما نحن فيه وإرادة هذا المعنى لا يجتمعان في الآية من حيث
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263