كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ١٠٨
عن الامر بغسل الجنابة والامر بغسل الجمعة سوى ذلك فإذا فرض تعلق الامر به فهذا الفعل الثالث قد اشترك مع كل من الغسلين في تحقق مصلحتهما به فلا مح يكون كل من الامرين المتعلق بخصوص كل من الغسلين أمرا تخييريا وهذا الأمر الثالث المستفاد من حديث التداخل أمرا تخييريا اخر فيرجع الامر إلى أن مطلوب الشارع من الجنب في يوم الجمعة هو أحد الفردين من الغسل المنوي به خصوص الجنابة المطابق لأوامر غسل الجنابة ومن الغسل الثالث المنوي به الاجتزاء عن الجميع المطابق للامر المستفاد من حديث التداخل وان مطلوب الشارع من الجنب المذكور استحبابا هو أحد الفردين من الغسل المأمور به خصوص الجمعة المطابق لأوامر غسل الجمعة ومن الغسل الثالث المنوي به الاجتزاء عن الجميع المطابق للامر المستفاد من دليل التداخل فيرجع الامر بالأخرى إلى صيرورة هذا الفرد الثالث أحد فردي المطلوب وجوبا من الجنب المدرك ليوم الجمعة واحد فردي المطلوب منه ندبا فعاد المحذور من اجتماع الحكمين المتضادين في فعل واحد على وجه أشنع لان التخيير العقلي في الواجب والمستحب يمكن القول باجتماع فردين منه في مصداق واحد بخلاف التخيير الشرعي فالتحقيق ما عرفت سابقا من أن أدلة التداخل خصوصا رواية الحقوق يكشف عن كون مفاهيم الأغسال متصادقة فاشكال اجتماع الواجب والمستحب في مصداق واحد لا محيص عنه وطريق الدفع ما ذكره العلامة والشهيدان أو المراد اجتماع الحكمين المتضادين كما التزمه بعض المحققين {الفرض الثاني غسل الوجه} وهو لغة كما عن ظاهر بعضهم ما يواجه به وعن الناصريات انه لا خلاف في ذلك وعن المصباح المنير انه مستقبل كل شئ والمراد به هنا (ما بين منابت الشعر في مقدم الرأس إلى طرف الذقن طولا) بلا خلاف ولا اشكال بل نسبه في المعتبر و المنتهى إلى مذهب أهل البيت (ع) (وما اشتملت عليه الابهام والوسطى عرضا) وهذا التحديد هو المعروف بل الظاهر المصرح به في كلام بعضهم عدم الخلاف في ذلك والمستند في ذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) حيث قال له اخبرني عن الوجه الذي ينبغي ان يتوضأ الذي قال الله تعالى فاغسلوا وجوهكم فقال الوجه الذي أمر الله بغسله الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه ولا ينقص عنه ان زاد عليه لو يوجر وان نقص عنه اثم ما دارت عليه الابهام والوسطى من قصاص الشعر إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه قال قلت الصدغ من الوجه قال لا والظاهر أن المراد بدوران الإصبعين احاطتهما ولذا عبر في المبسوط بما بين الابهام والوسطى ويمكن تصوير شبه دائرة من مجموع الإصبعين بان يوضع طرفاهما منضمين على وسط الناصية ثم تفرقا ويجرى الابهام من اليمين والوسطى من اليسار إلى أن يجتمعا ثانيا في اخر الذقن و المراد بالقصاص منتهى منبت الشعر من الناصية وهذه الفقرة بيان لمجموع الوجه وقوله وما جرت عليه الإصبعان من الوجه بيان للخط الطولى الفاصل بين الوجه وغيره فهو في قوة التأكيد لما قبله واعترض شيخنا البهائي قده على هذا التفسير بلزوم دخول النزعتين بالتحريك وهما البياضان المكتنفان بالناصية من الطرفين ويرده ان المراد بالقصاص ليس مطلق منتهى منبت الشعر الذي يأخذ من كلمة من الناصية ويرتفع عن النزعة ثم ينحدر إلى مواضع التحذيف ويمر فوق الصدغ حتى يتصل بالعذار بل المراد منتهى الناصية وهو واضح واعترض أيضا بلزوم دخول الصدغين مع نص الرواية على خروجهما وفى ان الصدغ خارج عن التفسير المذكور في المنتهى والمنسوب إلى الفقهاء وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار المحاذي لرأس الاذن وينزل عن رأسها قليلا نعم المصرح به في الصحاح كما عن غيره انه ما بين العين والاذن وانه يسمى الشعر المتدلى عليه صدغا والظاهر أن الفقهاء بملاحظة التصريح في الصحيحة على خروج الصدغ وظهوره في خروجه عن الحد لا اخراجه عن حكم المحدود حملوا الصدغ فيها على المعنى الأخير المذكور في اللغة وهو الشعر المتدلى بناء على أن الشعر المذكور متدل غالبا على ما يحاذي منتهى العذار لا على مجموع ما بين العين والاذن لأنه غير متعارف فالصدغ في كلام الفقهاء يراد به ولو مجاز موضع الشعر المذكور ومتدلاه وهذا مع مخالفته لظاهر النص والفتوى هو الوجه الجامع بين كلمات الفقهاء وأهل اللغة ضرورة عدم ثبوت حقيقة اصطلاحية للصدغ لم يعرفه أهل اللغة ولولا تصريحهم بخروج الصدغ بجميع اجزائه عن حد الوجه أمكن حمل الرواية على نفى كون مجموعه من الوجه الجامع لكون بعضه منه لكنه خلاف ظاهرها واما العذار وهو الشعر النابت على العظم النائي أي المرتفع الذي هو سمت الصماخ الذي يتصل أعلاه بالصدغ وأسفله بالعارض فالمشهور كما في الحدائق خروجه وفى التذكرة ان العذار وهو ما كان على العظم الذي يحاذي وتد الاذن ليس من الوجه عندنا خلافا للشافعي ويمكن حمله على مجموع العذار لأنه قال قبل ذلك ولا يجب غسل ما بين الاذنين والعذار من البياض ثم قال تبعا للمعتبر ولا ما خرج عن الإصبعين من العذار فان كلمة من ظاهرها التبعيض ولو أراد البيان لقال ولا العذار لكن له كلام اخر ظاهر في إرادة خروج كله كما أن للمعتبر كلاما ظاهرا في دخول كله فراجع وصريح المبسوط والخلاف والمحكى عن الإسكافي الدخول وكذا صريح المرتضى قده وجده الناصر حيث حكى في الناصريات عن الناصر وجوب غسل العذار بعد نباتها لوجوبه قبل نباتها ثم رده بان حكمه حكم اللحية والشعر إذا علاء البشرة انتقل الفرض إليه وكذا الشهيد والمحقق الثانيين لعلهما يريدان بعضه الغير المحاذي للصدغ الذي صرحا بخروجه لكن الظاهر خروج أزيد منه لان ما حوته الإصبعان عند كون اليد على ما يقابل الصدغين أزيد منه عند كونهما على ما يقابل العذارين لمكان نتو الانف فإذا كانت اليد بمقابلة لرأس الانف ربما خرج كله فلاحظها واما العارضان وهو ما نزل عن العذارين من الشعر فصرح في المنتهى
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263