كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ١٠٥
فتلخص مما ذكرناه في اجتماع الأغسال الواجبة التداخل مع نية الجميع أو نية خصوص الجنابة على تأمل فيما إذا قصد عدم ما عداه فالاحتياط في ترك هذا القصد لاحتمال اخلاله بالغسل والأحوط ان يغتسل غسل الجنابة قاصد الارتفاع ما عداه من الاحداث ثم الاتيان بالغسل الأخر احتياطا (بقى هنا أمران الأول) ان التداخل في مورد جوازه رخصة أو عزيمة نسب غير واحد من المعاصرين إلى ظاهر الأكثر الأول بل نسبه الفاضل القمي قده في بعض مؤلفاته إلى ظاهر الأصحاب مع اعترافه بعدم مصرح به سوى المحقق الأردبيلي قده والظاهر أن منشأ النسبة تعبيرهم بلفظ الأجزاء لكن الذي يظهر بعد ملاحظة كلماتهم ان ظاهر الأكثر بل صريحهم هو الثاني وان أسباب الغسل كأسباب الوضوء لان القائلين بالتداخل بين من لا يرى الوضوء في غير الجنابة وقد عرفت تصريح جماعة بعدم الاشكال في التداخل المصباح قال في المعتبر فإن لم نشترط الوضوء مع غير غسل الجنابة كفى الغسل الواحد بنية أيها اتفق انتهى ومقتضى هذا الكلام عدم الحاجة إلى قصد التداخل وان سقوط الأخر قهري وقد عرفت ان منشأه اتحاد حقيقة الأغسال واما غير هؤلاء كالمحققين والشهيد وغيرهم فممن اكتفى بكل غسل واجب عن الأخر فقد عرفت كلام الأولين في المعتبر وجامع المقاصد التصريح في اتحاد الحدث الأكبر كالأصغر وكفاية كل واحد من الأغسال في استباحة الصلاة وكلام المصنف هنا أيضا ظاهر في العزيمة حيث حكم بكفاية وضوء واحد عند اجتماع أسبابه ثم عطف عليه الأغسال مؤذنا بان معنى الكفاية في المتعاطفين واحد وهو عدم مشروعية الزايد والتعبير بالكفاية هنا وبالاجزاء في الاخبار للإشارة إلى أن الرخصة والتخفيف ملحوظ في تشريع الحكم لا في أداء المكلف ومن هنا يستظهر ذلك من كلام الشهيد أيضا حيث قال وتتداخل موجبات الوضوء وكذا موجبات الأغسال على الأقوى واجزاء غسل الجنابة عن غيره دون العكس تحكم واما القائلون بكفاية غسل الجنابة عن غيره دون العكس فمن أنكر منهم أو استشكل في شرعية غسل الحيض قبل الجنابة كالعلامة في بعض كتبه فلا يعقل عدم التداخل عنده لأنه ان قدم غسل الجنابة كفى قهرا غيره كما يظهر من استدلالهم بان غسل الجنابة أقوى وان قدم غيره لم يصح نعم من قال بصحة غسل غير الجنابة كما قويناه أمكن كون التداخل عنده رخصة بمعنى ان له ان يقدم غير غسل الجنابة فيتعدد الأغسال وله ان يقدم الجنابة فيكتفى به قهرا وقد تحصل مما ذكرنا انه ان نوى غسل الجنابة لم يقل أحد بجواز غسل اخر بعده وان نوى غيره فالمحققان والشهيد بل المشهور كما في شرح الجعفرية انه كذلك بناء منهم على كون أسباب الغسل كأسباب الوضوء موجبة لحدث واحد واما غيرهم فإن لم يقل بصحة ذلك الغسل عن نفسه فلا يتصور التعدد عنده وان قال بصحته أمكن تعدد الغسل فظهر ان الأكثر على كون التداخل في الأغسال كالتداخل في أسباب الوضوء عزيمة نعم لو ادعى ان بنائهم في الوضوء ليس على العزيمة كان هناك كذلك (الثاني) ان الغسل الواحد الكافي عن المتعدد لا شك في كونه من العبادة التي يستحق بها الثواب ويشترط فيها قصد الامتثال والقربة فلا بد فيه من أمر وهو بناء على أصالة التداخل في الأسباب هو الامر الواحد المتعلق بذلك الغسل الواحد وعلى أصالة التداخل في الامتثال هو كل من الأوامر المتعلقة بكل واحد من الأغسال فالغسل الواحد امتثال حقيقي للأوامر المتعددة واما على المختار من أصالة عدم التداخل واقتضاء تعدد الأوامر لتعدد الامتثال فلا بد من جعل النصوص الواردة في المسألة إما كاشفة عن وحدة حقيقة المأمور به في تلك الأوامر نظير ما هو مقتضى الأصل عند القائل بالتداخل في تأثير الأسباب فيجب المصباح قصد غسل واحد لحدث واحد حاصل بأول الأسباب واما كاشفة عن كون الأوامر المتعددة بالاغسال المتعددة على وجه يمكن تصادقهما في عنوان واحد كساير المفاهيم المغايرة المتصادقة في بعض الأوقات نظير ما هو مقتضى الأصل عند القائل بالتداخل في الامتثال فيجب قصد تحقق جميع الأغسال في ضمن الغسل الواحد وهذا أوفق بما ذكرنا من الامارات الظاهرة في تعدد تلك الأغسال واما الاكتفاء بغسل الجنابة عن غيره فليس فيه امتثال الأوامر غسل الحيض أصلا خلافا لما تقدم من شارح الدروس وقد عرفت ضعفه عقلا وعرفا والمصباح فان استفدنا هذا الحكم من الاخبار بناء على شمولها لصورة نية الجميع ونية البعض فيكشف عن ذلك عن اتحاد حقيقة الاحداث على خلاف ما استفدناه من الامارات المتقدمة و اللازم حينئذ بمقتضى اطلاق الاخبار كفاية ما عدا غسل الجنابة عنه لكنا قد استظهرنا اختصاص الاخبار بصورة نية الجميع واخترنا عدم كفاية ما عدا غسل الجنابة فالحكم بكفاية غسل الجنابة عما عداه لا يكون الا لأجل الاجماع والشهرة ومرسلة جميل المتقدمة ويجعل هذه كاشفة عن ارتفاع حدث الحيض مثلا بغسل الجنابة فلا يبقى أمر بغسل الحيض حتى تمثيل ارتفاع حدث النوم قبل الجنابة بغسل الجنابة وسقوط امتثال قوله إذا نمت توضأ (المسألة الثانية) ان يجمع أغسال مستحبة فان نوى الجميع بغسل واحد فالمشهور ظاهرا على كفايته ويظهر من الارشاد عدمه وهو وإن كان أوفق بالأصل الا ان ظاهر الصحيحة المتقدمة المشتملة على ذكر الحقوق على خلافه وتوهم اختصاصها بصورة وجود الغسل الواجب مدفوع بان الغسل الواجب انما ذكر فيها على سبيل الفرض يعنى ان الغسل الواحد مجز عن غسل الجنابة أو الحيض على تقدير وجودهما لا ان المورد مختص بمن عليه غسل جنابة أو حيض كما لا يخفى على المتأمل مع أنه يكفي قوله (ع) إذا اجتمعت لله عليك حقوق إلى اخره فان المراد ثبوت الحقوق وهي الأغسال ولو على وجه الاستحباب لا خصوص الواجبات لان مورد الرواية مشتمل على الأغسال الواجبة والمستحبة اللهم الا ان يجعل الكلام فقره مستقلة غير واردة في مورد الفقرة السابقة لكنه خلاف الظاهر ولو نوى بعضها كالجمعة ففي اجزائه عن غيره كغسل العيد وجهان أقويهما العدم للأصل بعد
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263