ظاهره ان الوضوءات المذكورة مشروعة غير رافعة ويحتمل بعيدا إرادة فساد هذه الوضوءات بهذه النيات وعدم حصول غاياتها الا بنية رفع الحدث وظاهر جماعة هو الثاني بل يستفاد من جامع المقاصد انه ظاهر كل من اشترط نية الرفع أو الاستباحة وانما يكتفى بعضهم بقصد الغاية المستحب لها الوضوء بدعوى ان قصدها قصد لرفع الحدث قال بعد ذكر الوضوءات المندوبة هل يعتبر في الوضوء الواحد من الأمور المذكورة نية الرفع أو الاستباحة لمشروط بالطهارة ليتحقق غايته أم يكفي قصد الغاية ينبغي ان يقال بابتناء ذلك على أن نية الطهارة مكملة له هل هي كافية في رفع الحدث لا فان قلنا بالأول كفت الغاية والا فلا بد من أحد الامرين وبدونه لا يقع الوضوء صحيحا كما يظهر من كلامهم في نية الوضوء بناء على اشتراط نية الرفع أو الاستباحة ويحتمل الاكتفاء بنيته الغاية تمسكا بعموم ولكل امرء ما نوى ويظهر من المصنف قده في الوضوء للتكفين فإنه استحبه وتردد في جواز الدخول به في الصلاة انتهى أقول ما استظهره من المصنف قده في الوضوء للتكفين من عدم الملازمة بين استحباب الوضوء وبين عدم ارتفاع الحدث به وعدم جواز الدخول به في الصلاة هو الذي استظهرناه من السرائر وهو الذي اختاره المستظهر في مسألة الوضوء لتلقين الميت وجزم به فخر الدين في الايضاح واما ما استظهره من كلامهم فالمراد به اطلاقهم القول باشتراط نية الرفع أو الاستباحة في الوضوء فان ظاهره كونها كساير الشرايط معتبرة في جميع افراد الوضوء ويؤيده ظواهر كلماتهم الأخر قال في المبسوط في نية الوضوء وكيفيتها ان ينوى رفع الحدث أو استباحة فعل من الافعال التي ليس من شرطها الطهارة لكنها مستحبة مثل قراءة القرآن طاهرا ودخول المسجد و غير ذلك لم يرتفع حدثه لان فعله ليس من شرطه الطهارة وحكم الجنب في الباب حكم المحدث سواء الا ان الجنب في بعض أفعاله له يشترط الطهارة مثل دخول المسجد والجلوس فيه فإنه ممنوع منه ولا يجوز له الا بعد الغسل وليس كذلك المحدث فإذا نوى الجنب استباحة دخول المسجد والجلوس فيه ارتفع حدثه واما الاجتياز فيه فحكم الجنب والمحدث فيه سواء انتهى فان بعض الفحول وان فهم منه ان مراده ان الوضوء الذي يتوضأ للصلاة لابد من قصد أحد الامرين لا مطلق الوضوء لكن هذا مناف لتسوية حكم غسل الجنب مع الوضوء معه فان الغسل للاجتياز في المسجد ان ارتفع مع الحدث فلا معنى لعدم جواز الدخول به في المسجد والجلوس فيه وان لم يرتفع به الحدث وقع فاسدا لا مشروعا غير رافع فالغسل للاجتياز عنده نظير الوضوء لقرائة القران ولكن قد يقال إن المرفوض في كلام الشيخ الوضوء والغسل بنية استباحة ما لا يتوقف على الطهارة فلعل الفساد من هذه الجهة ولا ريب فيه وفيه ان الظاهر ارادته من الاستباحة مجرد الدخول في القراءة لا احراز جوازه ولذا حكم الفاضلان في المعتبر والمنتهى والتذكرة بصحة الوضوء والغسل في الفرض الذي ذكره الشيخ وفى الوضوء للكون على الطهارة مستدلين بتحقق قصد رفع الحدث وتبعهما الشهيد في الذكرى فان هذا الاستدلال يدل منهم على تسليم اعتبار نية الرفع في مطلق الوضوء الا انهم مدعون تحققها في الفروض المذكورة أقول لا يخفى ان أدلة اشتراط نية رفع الحدث أو الاستباحة التي ذكروها لا تدل على اعتبارها في مطلق الوضوء كيف ولا يعقل في بعض افراده فإذا ورد الامر بالوضوء لأجل غاية فإن لم يعلم منه مطلوبية لأجل مطلوبيته رفع الحدث في تلك الغاية فلا دليل على اعتبار قصد رفع الحدث فيه ثم إن قلنا بان كل وضوء مشروع للمحدث يقتضى رفع الحدث كما سيجئ فيرتفع الحدث وان لم ينوه والا كان من قبيل الأغسال المندوبة المطلوبة لغاياتها وان علم مطلوبيتها لأجل مطلوبية ارتفاع الحدث في تلك الغاية فان قصد بالوضوء رفع الحدث فلا اشكال في صحة الوضوء بمعنى ترتب جميع اثاره عليه لارتفاع كما سيجئ التنبيه عليه في كلام المحقق الثاني وان قصد نفس الغاية فان قصد جوازها الوضعي بمعنى الصحة أو التكليفي بمعنى الإباحة في مقابل الحرمة فهذه النية لغو لجواز الفعل بدون الوضوء فلا يصلح جعله غاية وان قصد كمال الغاية فقد قصد ما يتوقف على الطهارة فلا فرق بينه وبين صلاة النافلة في توقفهما على الوضوء وان علم الامر يكون هو ليس المطلوبية ارتفاع الحدث في الغاية فالوضوء أولا يرتفع به الحدث لعدم قصده ولا قصد ما يستلزمه لكن هذا الوضوء في المحدث بالحدث الأصغر لم يوجد له مورد ومما ذكرنا ظهر ان المراد بالصحة المجعولة في القواعد والذكرى ونحوهما محلا للخلاف في الوضوء كقرائة القران ونحوه يترتب جميع الآثار عليه لارتفاع الحدث به كما اعترف به المحقق الثاني في مسألة الوضوء لتكفين الميت إذا عرفت هذا ظهر لك ان الأقوى ان كل وضوء مندوب يقع من المحدث بالأصغر فهو رافع لحدثه توضيح ذلك أن الوضوءات المندوبة على أقسام منها ما يفعله لغاية يترتب جوازها على ارتفاع الحدث كصلاة النافلة ومس كتابة القران ندبا ويلحق به الوضوء للتأهب وهذا لا خلاف في ارتفاع الحدث به واستباحة الدخول به في الصلاة وغيرها وإن كان يظهر من صاحب الحدائق وجود الخلاف فيما فعل لغير الصلاة من الغايات المتوقفة على الطهارة لكنه غير صحيحة كما تقدم من المبسوط والسرائر ومنها ما يفعل لغايات لا يتوقف على الطهارة وهو على أقسام منها ما يتوقف فضيلة الغاية المقصودة على ارتفاع الحدث كقرائة القران المجعولة غاية للوضوء ومثله كل عمل مندوب توقف فضله على ارتفاع الحدث واولى منه ما كان نفس الغاية فيه ارتفاع الحدث كالكون على الطهارة ومنها ما لم يثبت توقف الغاية المقصودة فيه الا على نفس الوضوء دون الطهارة بمعنى رفع الحدث كما في السعي إلى قضاء الحاجة والنوم وبعض أفعال الحج التي لم يدل الدليل الا على استحباب الوضوء فيها دون عنوان الطهارة بمعنى رفع الحدث وهذا الوضوء غير متحقق على وجه
(٩١)