إذا أصاب ثوبا برطوبة وجب غسل موضع الإصابة ونزل على الاستحباب المؤكد وقيل المعروف من المذهب كراهة سؤر (الحية) أيضا لرواية أبي بصير عن حية دخلت حبا وخرجت منه قال إن وجد ماء غيره فليهرق وعن المدارك تبعا للمعتبر عدم الكراهة قال يكره أيضا استعمال (ما مات فيه الوزغ) بل خرج منه حيا على ما رواه هارون بن حمزة الغنوي قال سئلته عن الفارة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء ويخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ قال يسكب منه ثلاث سكبات قليله وكثيره بمنزلة واحدة ثم يشرب منه ويتوضأ غير الوزغ فإنه لا ينتفع بما يقع فيه وبمضمونها افتى في النهاية وتعارض بالاخبار الخاصة مثل صحيحة علي بن جعفر والعامة فيما لا نفس له ويدل على حكم (العقرب) إذا مات رواية سماعة عن جرة وجد فيها خنفسا قد مات قال القه وإن كان عقربا فارقه وتوضأ من ماء غيره وهو محمول الاستحباب لما دل على أنه (انما ينجس الماء بموت الحيوان ذي النفس) (السايلة دون ما لا نفس له) كما سيجئ ذلك في باب النجاسات واعلم أنه قد تقدم قول الشيخ قده بان (مالا يدركه الطرف من الدم لا ينجس الماء) مستدلا بصحيحه علي بن جعفر المتقدمة في ذيل مسألة الماء القليل وعرفت ضعف دلالتها وان الأقوى ما قيل من أنه ينجسه ولا أقل من أنه هو الأحوط غالبا والمحكى عن الشيخ تعميم الحكم لمطلق النجاسات ولم يعلم له ماخذ ولا ان الشيخ يتعدى من دم الانف إلى غيره أو يقتصر على مورد الصحيحة و احتملهما في الذكرى ولا انه يتعدى من الماء إلى كل جسم رطب كالثوب لم يقتصر على مورد النص لكن الشهيد قده في الذكرى نسب إليه التعدي إلى الثوب ولعل الفرق بينه وبين التعدي من دم الانف مع أنه أظهر ان المنفعل في الجسم الرطب حقيقة هو الجزء المائي فعدم انفعال الماء يدل على عدم انفعاله قال في فروع قول الشيخ لو طارت الذبابة عن النجاسة إلى الثوب أو الماء فعفو عند الشيخ واختاره المحقق في الفتاوى لعسر الاحتراز ولعدم الجزم ببقائها لجفافها بالهواء وهو يتم في الثوب دون الماء انتهى أقول إما حكم الشيخ بالعفو فلم يعلم في الثوب وما ذكرناه من الفرق ضعيف واما حكم المحقق قده بالعفو لعسر الاحتراز فلا يخلو عن تأمل واما عدم الجزم ببقائها لجفافها فيحتمل ان يكون المراد بالجفاف زوال عينها فيصير طاهرا بزوال العين لا جفافها مع بقاء جرمها إذا الغالب مجرد رطوبة رجل الذبابة بالنجاسة لا لزوق جرمها به مع أن الشك فيه كاف نعم قد يقال إن أصالة بقاء الرطوبة عند الشك فيه حاكمة على أصالة بقاء طهارة الماء لأن الشك فيها مسبب عن الشك في بقاء الرطوبة كما في وقوع الثوب المستصحب الرطوبة على ارض نجسة ويمكن التخلص بان مجرد بقاء الرطوبة لا يترتب عليه تنجيس الا بواسطة مقدمة خارجية هي تأثر الملاقى به وصيرورته رطبا بالسراية فالمنجس والحقيقة هو تأثر في النجاسة بها لاكتساب شئ من رطوبته لا مجرد ملاقاته لها وإن كان يعبر عن ذلك مسامحة بما ظاهره ان المنجس هو مجرد الملاقاة وحينئذ فاثبات النجاسة باستصحاب الرطوبة لا يمكن الأبناء على القول باعتبار الأصول المثبتة (الركن الثاني) (في الطهارة المائية وهي وضوء غسل وفى الوضوء فصول الأول في الاحداث الموجبة للوضوء) والحدث هنا اسم مصدر أو مصدر وقد يطلق مسامحة على العين كالبول والغايط وقد يطلق على الحالة الحاصلة عقيب ذلك فيقال ان الوضوء رافع للحدث والمراد بالموجب سبب الوجوب لا فاعله لأنه الشارع والمراد الوجوب الشرعي ويحتمل إرادة اللغوي وهو الثبوت في الشريعة ولو على وجه الاستحباب فيكون مراد فالسبب وحصره في الستة مبنى على إرادة ما يوجب خصوص الوضوء فيخرج ما أوجبه مع الغسل والمراد الموجب بالشأن فيدخل حدث المحدث وغير المميز وعلى كل حال فاطلاق الموجب والسبب على الأمور المذكورة يدل على أن المكلف في نفسه لا يثبت عليه وضوء شرعا فلو فرض مكلف لم يحدث منه حدث لم يجب عليه الوضوء جاز له الدخول في الصلاة لعدم كونه محدثا فالحدث أمر وجودي والطهارة عدمه عمن من شانه وجوده فيه ويدل عليه أيضا تفسير الحدث بالحالة المانعة فيكون المنع عارضا للمكلف وقد يقال إن الطهارة أيضا وجودية طارية لنسبة إباحة الصلاة إليها فالمكلف بنفسه لا تباح له الصلاة ولاطلاق الناقض على الاحداث والمنقوض ظاهر في الوجودي ولظاهر قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا واطلاق قوله (ع) إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور ولحكمهم بان الشاك في المتأخر من الحدث والطهارة يجب عليه الوضوء والا لكان حكمه كالشاك في المتأخر من الخبث والطهارة في بنائه على أصالة وقد فرع على هذا ان المكلف المخلوق دفعة كآدم (ع) مثلا لا يحكم عليه بالطهارة ولا بالحدث فما كانت الطهارة شرطا فيه لم يجز بدونها وما كان الحدث مانعا منه جاز ويدفع الأول بان صدق المبيح بملاحظة مسبوقية بالحدث المانع و لذا اكتفى بنية رفع الحدث عن قصد الاستباحة واما اطلاق الناقض فلا ظهور له في كون المنقوض وجوديا كما يشهد له شمول اخبار لا تنقض اليقين للأمور الوجودية والعدمية مع أن الطهارة المنقوضة عدم مسبوق غالبا بالوجود فيشبه الموجود فتأمل واما الآية فالمراد منها باطباق المفسرين كما حكى وبنص الإمام (ع) في غير واحد من الاخبار القيام من النوم فهى دليل على خلاف المطلوب مع أنها على تقرير الاطلاق معارضة بقوله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفرا وجاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فان ظاهره استناد وجوب التيمم الذي هو بدل الوضوء إلى المجئ من الغائط لا إلى المكلف من حيث هو ودعوى ان ذلك لكون الغائط سببا لنقض الطهارة السابقة ورجوع المكلف بعده إلى حالته الأصلية المقتضية للطهارة ليست بأولى من حمل اطلاق أية القيام على ما هو الغالب من كون القائم الغير المسبوق بالطهارة الذي هو
(٦٣)