كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ٩٢
اليقين لأن الظاهر في موارد جميع استحباب الوضوء استحباب الطهارة ورفع الحدث وفيها الوضوء المأتي بها استحبابا عقيب مثل المذي والتقبيل وشبههما مما يستحب الوضوء منه ومنها الوضوء المأتي به للتجديد إذا انكشف سبق الحدث ويلحق به الوضوء المأتي به احتياطا ومنها الوضوء المأتي به استحبابا باعتقاد الحيض فيكشف عدمه وثبوت الأصغر وهنا قسم نلمس وهو ما لو نوى المحدث بالأصغر وضوءا مطلقا ذكره الفاضلان والشهيد في الذكرى مقابلا للوضوء للغايات حتى الكون على الطهارة وحكموا فيه بالبطلان ولم يعلم مراد هم منه ولو أريد به الوضوء المأتي به لا لغاية ولا للكون على الطهارة خرج عن القسم وهو الوضوء المندوب لكونه على هذا الوجه تشريعا محرما ثم الأقسام كلها محل الخلاف وفى المدارك نسب القول المختار إلى المعروف بين الأصحاب بل حكى عن بعض الاجماع وفيه ما لا يخفى على المتتبع فان القول بعدم ارتفاع الحدث بالوضوء لقرائة القران الذي هو أولي الأقسام الأربعة بالصحة قد اختاره جامع المقاصد بعد أن حكى عن الشيخ والحلى وجماعة وفى الروض ان المشهور عدم كفاية التجدد إذا ظهرت الحاجة إليه بل عرفت من الحلى دعوى الاجماع على عدم كفايته الا ان يحمل كلام المجوزين على الوضوء المندوب المشروع ويعترفون بعدم مشروعية الوضوء لعدم نية رفع الحدث ويكون مراد المانعين اعتبار رفع الحدث في صحة بالوضوء المندوب فلا خلاف بينهم المصباح في جواز الدخول في الصلاة بالوضوء المندوب الصحيح الا ان خلافهم في الصحة لكن هذا خلاف ما عرفته سابقا من أن النزاع في ذلك بعد الفراغ عن المشروعية بدون نية رفع الحدث فافهم وكيف كان فما حكاه في المدارك عن بعض الأصحاب من الاجماع على الصحة فلعل منشئه عبارة أخرى للحلى في السرائر حيث قال ويجوز ان يؤدى بالطهارة المندوبة الفرض من الصلاة باجماع أصحابنا انتهى ومن نظر في مساق العبارة المذكورة ولاحظ السرائر ظهر له ولو بقرينة ما تقدم من دعوى الاجماع على الممنوع ان مراده بالطهارة المندوبة هي المأتي بها بنية الندب لصلاة النافلة ونحوها والعبارة المذكورة بعينها ذكرها ابن زهره في الغنية واستدل عليه أيضا الاجماع ثم ذكر ان من خالف في ذلك من أصحابنا فغير معتد به وربما يجعل هذه الفقرة قرينة على إرادة مطلق المندوب نظرا إلى أنه لا خلاف بين أصحابنا ظاهرا في جواز الدخول في الفريضة بالوضوء المأتي به لصلاة النافلة لكن الانصاف ان سياق ظهوره كلامه فيما ذكرنا أقوى من ظهور هذه الفقرة فلا حظ ونظير اجماع الغنية والسراير في الايهام المذكورة ما في التذكرة والمنتهى ففي الأول يجوز ان يصلى بوضوء واحد جميع الصلوات فرايضها وسننها ما لم يحدث سواء كان الوضوء فرضا أم نفلا وسواء توضأ لنافلة أو لفريضة قبل وصول وقتها أو بعده مع ارتفاع الحدث بلا خلاف إما بقاء الحدث فقولان سيأتي تحقيقها انتهى وفى المنتهى بوضوء واحد ما شاء من الصلوات وهو مذهب أهل العلم انتهى ولا يخفى ان مساقهما أجنبي عما نحن فيه وكيف كان فالظاهر أن كثيرا من الأصحاب على خلاف ما استظهره في المدارك منهم وإن كان الأقوى في النظر ما اختاره قده إما في القسم الأول فلان المفروض انه توضأ وضوءا نوى به ما يتوقف على ارتفاع الحدث وهي فضيلة القراءة فلا فرق بينه وبين نية جواز مس كتابة القران وإباحة الدخول في الصلاة وبعبارة أخرى استحباب قرائة القران مرفوع الحدث يدل على استحباب نية رفع الحدث لها في الوضوء فإذا اتى بالوضوء كذلك حصل الغاية المقصودة منه أعني رفع الحدث وهذا معنى ما في المنتهى تبعا للمعتبر من أنه نوى شيئا من لوازمه صحة الطهارة وهو ايقاع القراءة على وجه الكمال ولا يتحقق الا برفع الحدث فيكون رفع الحدث منويا واعترضه في جامع المقاصد بان المفروض نية القراءة لا النية على هذا الوجه المعين إذ لو نواه على هذا الوجه ملاحظا ما ذكر لكان ناويا رفع الحدث فلا يتجه في الصحة اشكال فعلى هذا الأصح في المتنازع فيه البطلان واليه ذهب الشيخ والحلى وجماعة هذا بناء على اعتبار نية الرفع والاستباحة فعلى القول بعدم اعتبارهما في النية فلا اشكال في الصحة انتهى أقول لا يفهم للوضوء بنية قرائة القران معنى غير قصد وقوع القراءة على الوجه الأكمل هو كون القارئ مرتفع الحدث فنية القراءة يرجع إلى نية رفع الحدث نعم لو فرض ان مجرد كون القارئ متوضأ وان لم يرتفع حدثه مستحب فهو وإن كان خلاف المستفاد من أدلة القراءة والكون على الطهارة مع كونه مستلزما لكون استحباب القراءة مرتفع الحدث اكد فيستحب الوضوء بنية رفع الحدث الا ان لما ذكره قده من انفكاك نية القراءة عن نية رفع الحدث على هذا الفرض وجه ويتجه أيضا ما ذكره في الايضاح في وجه عدم صحة هذا الوضوء من أنه يعنى نية القراءة مثلا غير مستلزم لرفع الحدث لان كل ما كان مستلزما للشئ منع اجتماعه مع نقيضه وهنا يمكن اجتماعه مع الحدث حتى يكون ناويه غير ناو لرفع الحدث هذا ولكن المفروض ان المستفاد من الأدلة كون فضيلة القراءة موقوفة على ارتفاع الحدث ثم الكلام في الفرض المذكور وهو ما إذا ثبت استحباب الوضوء لأجل القراءة وان لم يرتفع حدثه داخل في القسم الثاني والحق فيه أيضا ارتفاع الحدث به بناء على أن الوضوء المشروع الواقع من المحدث بالأصغر رافع لحدثه لا محالة ويدل على هذا المبنى وجوه الأول ان الامر بالوضوء في الكتاب والسنة أمر مقدمي يفيد وجوبه للغير وقد أشرنا في الأمر الأول إلى أن اللازم من هذا كون الوضوء في نفسه مقدمة للصلاة رافعا لمانعها و صيرورة هذا منشأ لوجوبه وقد أشرنا إلى الجمع بين هذا وبين عدم كون الوضوء رافعا لمانع الصلاة الا بعد تعلق الامر به واتيانه امتثالا لذلك الامر لكن المناسب لهذا الاستدلال الوجه الأول من وجهي الجمع المتقدمين فراجع ويؤيد ذلك ما ورد في علة الاستحباب الوضوء
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263