كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ٨٩
واجبة أو طواف واجب كما في عبارة الشرائع والجعفرية أو الوضوء للصلاة والطواف المفروضين كما في عبارة الجامع أو الذي يؤدى بصلاة مفروضة كما في عبارة المراسم ان مجرد وجوب الغاية لا يؤثر في كون الوضوء المأتي به واجبا ولو لم يوجد لأجل تلك الغاية بل الواجب ما وجد لأجل الغاية الواقعة لكن الظاهر أن قوله في الشرائع ما كان للصلاة أي ما ثبت في الشريعة لأجل الصلاة وبهذا الاعتبار يكون واجبا للغير لا ما تحقق في الخارج من المكلف لأجل الصلاة ويدل على ذلك اطلاق قول كلام المحققين فيما بعد ويجب الغسل إذا بقى من طلوع الفجر من يوم يجب صومه بقدر ما يغتسل الجنب ولصوم المستحاضة حيث لم يقيداه بصورة إرادة الجنب والمستحاضة صوم ذلك اليوم هذا مع أن جعل الواجب من الوضوء والغسل هو الفرد الموجود في الخارج المنوي به الصلاة لا ينفك عن القول بوجوب نية استباحة الصلاة والحال ان المحقق في الشرايع قايل بعدم وجوب الاستباحة ولا رفع الحدث في الوضوء الواجب واما عبارة الجامع فلم يحضرني حتى انظر فيما قبلها وما بعدها واما عبارة المراسم ففيها مسامحة واضحة لان ما يؤدى به الواجب قد يكون واجبا وقد لا يكون وكذلك ما يؤدى به المندوب ومع أن ظاهر هذه الكلمات معارضة بظهور أكثر كلماتهم في أن وجوب الوضوء لأجل الصلاة وبذلك يكون واجبا للغير ففي المبسوط بعد التقسيم فالواجب هو الذي يجب لاستباحة الصلاة أو الطواف لا وجه لوجوبه الا هذين ونحوها عبارة السرائر وهما صريحان في أن الصلاة غاية لوجوب الوضوء لا ان الوجوب يعرض للوضوء المأتي به لأجل الصلاة فقولهما هو الذي الخ حصر للواجب في قسمين باعتبار غاية الوجوب ونحوهما في جعل الغاية للوجوب عبارات العلامة في كتبه كالقواعد والتحرير والنهاية والارشاد وقد أطال المعاصر المتقدم قدس الله روحه في حمل عبارتي المبسوط والسرائر وما وافقهما على مطلبه بما لا يخلو عن نظر و منع مضافا إلى ما تقدم في عبارة الشرائع من أن اللازم من جعل الواجب هو الفرد المأتي به لأجل الصلاة هو اعتبار نية الاستباحة في الوضوء الواجب فما لم يرد به الصلاة لا يكون واجبا مأمورا به مع أن الشيخ والحلى وصاحب الجامع والعلامة لا يتعين عندهم في الوضوء واجبا كان أو مندوبا قصد الاستباحة بل يكتفون عنه برفع الحدث فتأمل (واما المقام) الثاني فاعلم أن بعض متأخري المتأخرين جوز الوضوء بنية الندب في وقت وجوب المشروط به ولكن ظاهر كلمات أكثر من تقدم انه لا يجوز الوضوء بنية المندب لمن عليه وضوء واجب وان لم يقصد الا غاية يستحب لها الطهارة ولازم ذلك أن مثل هذا يقصد الوجوب ويشكل حينئذ بناء على اعتبار الوجوب غاية حيث إن الداعي ليس وجوب الوضوء بل هو جهة الندب الموجودة الا ان يلتزم بان هذا الذي لا يقصد الاتيان بالواجب المشروط بالطهارة لا يشرع له الوضوء لان الاتيان بغاية الندب غير صحيح لعدم الندب والآتيان به لوجوبه خلاف مقصود الفاعل فالوضوء المندوب عندهم بمنزله صلاة النافلة لمن عليه فريضة ولا يريد الاتيان بها على القول بحرمة التنفل نعم لو اعتقد وجوبه لغاية مندوبة كالتأهب أو لنفسه فصادف وجوبه الواقعي لاشتغال ذمته بغايته وقع منه الوجوب في محلها كما تقدم من الجماعة أو بمنع اعتبار نية الوجه الاعلى وجه التوصيف بان يقصد اتيان هذا الوضوء الواجب عليه لأجل غاية لا يوقعها لها لكن يوقعها لغاية الندب ولا يظن بهم التزامه واما على ما استوجهناه من عدم جواز نية الوجوب الا عند إرادة الواجب المشروط ففي جواز ايقاع الوضوء بنية الندب وجهان مبنيان على جواز اجتماع الوجوب والاستحباب الفعليين في الشئ الواحد والأقوى المنع منه وان جوزناه في غير المقام نظرا إلى وحدة حقيقة الوضوء الواجب والمستحب ولذا لا يجوز الاتيان بأحدهما عقيب الأخر بناء على أن المندوب رافع الحدث فكان مهية رفع الحدث اجتمع فيها جهتا الوجوب والندب نظير اجتماعهما في قتل زيد مثلا وغيره من الأمور الغير القابلة التكرار نعم لو فرضنا المندوب غير رافع كالوضوء للنوم بل مطلق الوضوء المندوب لغاية غير مشروطة برفع الحدث على القول بعدم جواز الدخول به في العبادة جاز اتصافه بالندب لأنه فرد مغاير للفرد الواجب فيصير من قبيل صلاة النافلة في وقت الفريضة على القول بجواز ها ومن هنا يتجه ابتناء ما ذكروه من عدم كون الوضوء في وقت الواجب المشروط به الا واجبا على اتحاد حقيقة الواجب والمندوب حتى يمتنع اتصافه بهما معا وليس تعدد عنوانه من حيث كونها مقدمة لواجب ومقدمة لمستحب مجوزا لذلك لان المفروضة عدم تفاوت العنوانين فيهما عنوانان لشخص واحد وعلى ما ذكرنا من عدم كونه مندوبا بالفعل فهل يجوز الاتيان به لمن لا يريد غاية الوجوب موافقة لجهة ندبه الموجودة فيه بالفعل وان لم يكن الندب موجودا أولا فلا يشرع الوضوء لهذا الشخص لعدم قصدة الواجب المصحح لاتيانه على وجه الوجوب وعدم استحبابه فعلا ليصح الاتيان به على وجه الندب الأقوى الأول إذا القدر اللازم في الامتثال الموجب لاستحقاقه الثواب ملاحظة جهة الطلب الموجودة في الفعل وإن كان نفس الطلب المتفصل بتجويز الترك مفقود الوجود الجهة المانعة من الترك فان فقده على هذا الوجه لا ينافي كون ملاحظة منشأ الاستحقاق الثواب كما هو واضح بملاحظة طريقة العقلاء في مثل المقام فراجع وهذا الوضوء له حكم المندوب وإن كان واجبا لانطباقه على ما أمر به وجوبا وليس من باب اسقاط الواجب بالمستحب ولنشر إلى بعض ما وجدنا من كلمات المتأخرين من المانعين لما تقدم عن الشهيد الثاني و غيره بل نسب إلى المشهور من أن الوضوء لا يكون في وقت العبادة المشروطة به الا واجبا فمنهم صاحب المدارك على ما حكى عنه حيث إنه نسبه ذلك إلى المتأخرين قال ولم يقم دليل على ذلك عندنا ومنهم المحقق المدقق السلطان في حاشية الروضة حيث ذكر عند قول الشهيد لأنه في وقت العبادة الواجبة لا يكون الا واجبا ما لفظه فيه نظر لأنا لا نسلم انه لا يكون في وقت العبادة الواجبة الا الوضوء الواجب لان الوضوء في كل وقت مستحب انتهى
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263