للصلاة من قول أبى الحسن الرضا (ع) وانما أمر بالوضوء وبدئ به لان يكون العبد طاهر إذا قام بين يدي الجبار لما جائه إياه مطيعا له فيما امره نقيا من الأدناس والنجاسة مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس بين يدي الجبار فان الرواية ظاهرة بل صريحة في أن رفع الحدث من قبيل الخاصية المترتب على ذات الوضوء وهو المنشأ للامر به فثبت ان مهيته الوضوء لما كانت رافعة للحدث أمر بها لان الوضوء المأمور به لأجل الصلاة المأتي به لأجلها رافع (الثاني) ان الوضوء مستحب في نفسه وهو رافع للحدث ومبيح للدخول في الصلاة فكلما أمر به ندبا لغاية ترتب عليه ذلك الأثر وهو رفع الحدث مع قابلية المحل لا في مثل الحايض والجنب لان المأمور به في الأوامر الغيرية هو المأمور به في الأوامر النفسي واحتمال تغاير حقيقي المأمور به في الأوامر الغيرية والمأمور به الامر النفسي يدفعه ظواهر الأدلة في المقامين فالامر الغيري المتعلق بالوضوء في الحقيقة أمر يحصل ذلك الأثر المترتب على فعل الوضوء إما استحباب الوضوء في نفسه فالظاهر أنه مما لا خلاف فيه كما في كشف اللثام وقد صرح به الحلى والفاضلان والشهيدان وغيرهم ويدل عليه الاخبار الآتية واما انه رافع للحدث فالظاهر الأدلة الدالة على استحبابه في ذلك مثل قوله تعالى ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فإنه يدل على استحباب التطهر في والتطهر نفسه إما خصوص التطهر من الحدث واما أعم منه ومن التطهر من الخبث ومثل قول علي (ع) الوضوء على الطهور عشر حسنات فتطهروا فان ظاهر الامر الاستحباب النفسي ولا اختصاص له بمورده من وضوء التجديدي ومثل قوله (ع) حكاية للحديث القدسي من أحدث فيما يتوضأ فقد جفاني ومن توضأ ولم يصل ركعتين فقد جفاني ومن توضأ وصلى ركعتين ودعاني ولم أجبه فيما سئله من أمر دينه أو دنياه فقد جفوته ولست برب جاف فان الظاهر من الرواية استحباب التوضي للمحدث لمجرد رفع الحدث لا لأجل صلاة ركعتين فظاهره ان ترك الوضوء جفاء وترك الصلاة جفاء اخر فهما مطلوبان مستقلان لا ان المقصود من الوضوء الصلاة كما لا يخفى ومثل ما عن الأمالي من قوله (ص) يا انس أكثر من الطهور يزد الله في عمرك وان استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل إذا مت على طهارة مت شهيدا ومنه يظهر جواز الاستدلال بما عن نوادر الراوندي عن أمير المؤمنين (ع) كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بالوا توضؤا أو تيمموا مخافة تدركهم الساعة فان الظاهر بقرينة رواية انس مخافة ادراك ساعة الموت على غير طهارة فيفوتهم ثواب الشهادة هذا ولكن لا يخفى ان هذا الوجه موقوف على ورود الامر أولا بالتوضئ والعلم بترتب الأثر عليه من الخارج إما لو فرض ورود الامر أولا بالتطهير من الحدث فيدل ذلك على الامر من باب المقدمة بالتوضئ فيكشف ذلك عن كون الوضوء في نفسه مقدمة ويترتب عليه الأثر فيرجع هذا الوجه إلى الوجه الأول فتدبر الثالث انا قد بينا عدم اشتراط نية الرفع أو الاستباحة في الوضوء وكفاية القربة وكل ما قلنا بكفاية نية القربة ارتفع الحدث بالوضوء المندوب الاجماع المركب وعدم القول بالفصل من جماعة منهم فخر الدين والمحقق الثاني حيث نفيا الاشكال في صحة الوضوءات المذكورة بناء على كفاية نية القربة وعدم اعتبار نية الرفع أو الاستباحة ومنهم الشيخ والحلى في عبارتهما المتقدمة من المبسوط و السرائر حيث فرعا عدم ارتفاع الحدث بالوضوءات المذكورة على الانعقاد الاجماع على اعتبار نية الرفع أو الاستباحة الرابع بعض الأخبار الظاهرة في هذا المعنى مثل ما يظهر منه اطلاق الطهور على الوضوء بقول مطلق ولازمه ترتب احكام الطهور عليه مثل ما عن الخصال في حديث الأربعمائة إذا توضأ أحدكم فليسم إلى أن قال فإذا فرغ من طهوره قال كذا الخ ومثل ما استدل به صاحب المدارك على هذا المطلب من قوله (ع) في موثقة ابن بكير إذا استيقنت انك توضأت فإياك ان تحدث وضوء حتى تستيقن انك أحدثت دلت على النهى عن الوضوء بقصد الوجوب أو رفع الحدث عقيب اليقين بالوضوء من دون تفصيل بين افراد الوضوء المتيقن فدل على كفاية كل وضوء ويمكن ان يقال إن انه مسوق لبيان كفاية عدم اليقين بالحدث بعد اليقين بالوضوء بعد الفراغ عن كون الوضوء المتيقن رافعا للحدث فافهم وما استدل به غيره من قوله (ع) لا ينقض الوضوء الا حدث فإنه دال على كون الحدث ناقضا للوضوء بقول مطلق ولازم ذلك كون الوضوء أيضا رافعا للحدث إذ لو جامعه لم ينقض به لعدم التنافي ويمكن ان يمنع الملازمة كما في الأغسال المندوبة الصحيحة مع الحدث الأصغر مع انتقاضه به على أقوى القولين واضعف من الكل واستدل به ثالث من حسنة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) الرجل يصلى بوضوء واحد صلوات الليل والنهار قال نعم ما لم يحدث وفيه ان السؤال عن صحة ان يصلى بوضوء واحد أزيد من واحده بعد الفراغ من جواز صلاة واحدة به والكلام فيما نحن فيه في صحة أصل الصلاة بالوضوءات المذكورة وكيف كان فالعمدة في اثبات المطلب الوجه الأول ويؤيده الباقي فافهم ومن هذه الوجوه بأسرها يعلم الصحة في القسم الثالث وهو الوضوء التجديدي وفاقا للشيخ والمحقق وجماعة الا ان الاخبار هنا أوضح دلالة مثل ما تقدم من قوله (ع) الوضوء بعد الطهور عشر حسنات فتطهروا وفى مرسلة سعد ان الطهر على الطهر عشر حسنات فان اطلاق الطهر على الوضوء التجديدي يكشف عن كونه مثل الوضوء الأول في احداثه نظافة باطنة لو صادفت الحدث رفعه وتوضيح هذا المعنى ما ورد من أنه نور واطلاق التجديد عليه في النص والفتوى ويؤيده ما نسبه في الذكرى إلى ظاهر الاخبار والأصحاب من أن شرعية المجدد للتدارك منوى به تلك الغاية وتوضيحه انه إذا كان الحكمة في تشريعه تأثيره فعلا لو كان المكلف محدثا لعدم الطهارة رأسا أو الخلل في السابقة
(٩٣)