لا يلاحظ فيه الا تحقق هذا التحصيل الواجب به وحصول الفعل منه في الخارج فلا يلاحظ كونه عاملا بل بلاحظ كونه قايل للفعل ويتفرع على ذلك أنه لا يعتبر فيه قصدا التقرب ولا النيابة وان المتولي للنية هو المأمور بالتولية وانه لو شك في فعل المتولي لا يبتنى على صحته بمعنى عدم الاعتناء بالمشكوك فيه بل مرجعه إلى الشك العاجز في جزء من الواجب عليه وهو تحصيل غسل هذا العضو أو هذا الجزء من العضو قبل الانتقال عن الوضوء فيجب تحصيله وفى المدارك ان النية تتعلق بالمباشر لان الفاعل حقيقة ورد بان العاجز متمكن من النية فلا يجوز تولية الغير فيها وفيه ان مبنى هذا القول على أن هذه العبادة لما تعذرت من المباشر وجب عليه تحصيلها بغيره فالمتولى حقيقة هو الناصب عنه في التعبد نظير النائب في ساير العبادات كالصلاة والحج والنية انما وجبت على المكلف لكونه فاعلا فإذا فرض عاجزا فلا معنى لنية الوضوء وهي الافعال الصادرة عن المتولي فلا بد من النظر في أن أدلة التولية اقتضت الاستنابة في الوضوء أو الاستعانة فيه والتسبب وهي العبادة في حقه والتحقيق ان دليل التولية إن كان ما ذكره في المعتبر واستفيد من رواية عبد الاعلى من وجوب التوصل إلى الواجب بقدر الامكان فالواجب حقيقة يصدر من العاجز فيتولى هو النية ولا يحتاج إلى نية من المتولي بل يجوز وان يتولاه حيوان معلم وإن كان الدليل هو الاجماع فالمكلف مردد بين الاستنابة والاستعانة فلا بد من الجمع بين كل واحد من العاجز والمتولي قابلا للاتيان بالعبادة ناويا فتأمل وعلى أي حال فالظاهر وجوب المسح بيد العاجز لتمكنه من المسح بيده ولو بالاستعانة ولذا اتفقوا ظاهرا على أن المتوالى للتيمم يمسح بيدي العاجز وجهه وكفيه بل استقرب في الذكرى الضرر بيدي العليل أيضا واما الغسل فلا يجب كونه بيد العاجز والفرق بينه وبين المسح ان اليد في الغسل مجرد آلة بخلافها في المسح المسألة السابعة لا يجوز للمحدث يعنى غير المتوضى وضوءا مبيحا مس كتابة القران على المشهور بل عن الخلاف وظاهر غيره الاجماع عليه لقوله تعالى انه لقران كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون بناء على رجوع الضمير إلى القران وكون النفي يراد به النهى وأراد التطهير من الحدث إما لكونه حقيقة فيه واما للاجماع على عدم حرمته على غير المحدث ويؤيد الدلالة استشهاد الامام عليها بها في المقام ففي رواية إبراهيم بن عبد الحميد المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خيطه ولا تعلقه ان الله عز وجل يقول لا يمسه الا المطهرون ومرسلة حريز انه عليه السلام قال لولده إسماعيل يا بنى اقراء المصحف فقال انى لست على وضوء قال لا تمس الكتاب ومس الورق واقرء وموثقة أبي بصير أو صحيحته قال سئلت أبا عبد الله (ع) عمن قرء من المصحف وهو على غير وضوء قال لا باس ولا يمس الكتاب ويضعف الاجماع مع ضعف في نفسه لعدول الشيخ في المبسوط إلى الخلاف ووافقه الحلى وابن البراج وجمع من المتأخرين على ما حكى عنهم والآية بعدم تمامية الدلالة لاحتمال رجوع الضمير إلى الكتاب المكنون مع أن رجوعه إلى القران لايخ؟ عن نوع من الاستخدام لان الموجود في الكتاب المكنون غير النقوش الموجودة في الدفاتر فان للقران الكريم وجودات مختلفة باعتبار وجوده العلمي واللفظي والكتبي فالأولى اسناد المس إلى الموجود في الكتاب المكنون والمراد بالمطهرون الملائكة المتنزهون عن المعاصي أو مطلق المعصومين فان الظاهر من المطهر من طهره غيره لا من تطهر بنفسه والمراد بالمس العلم به وادراكه ويؤيد ذلك قوله تعلى بعد ذلك في وصف هذا القران تنزيل من رب العالمين فان المنزل ما في الكتاب المكنون أو الكلام الجاري على لسان النبي صلى الله عليه وآله لا المنقوش المصورة في الدفاتر واما رواية إبراهيم بن عبد الحميد فهى موهونة لدلالة الآية على المدعى لا مؤيدة لان ظاهرها كون الاستشهاد بالآية لجميع الاحكام السابقة لا لخصوص الأولين فلا بد إما من حمل النهى على مطلق المرجوحية خصوصا مع كون الجملة خبرية أو على الاخبار عن عدم مس غير المعصومين للقران الموجود في الكتاب المكنون فلا ينبغي مس وجوده الكتبي الحاكي عن ذلك الموجود للجنب والمحدث وكذا مس خطه وتعليقه لهما وبالجملة فهذه الرواية موهونة بالاستشهاد بالآية والآية موهونة بالاستشهاد بها للأحكام المذكورة في الرواية فلم يبق الا رواية حريز وأبى بصير ولا باس بالعمل بهما مع انجبارهما بالشهرة المحققة مع أن سندهما لا يخلو عن اعتبار لوجود حماد في المرسلة واشتراك أبي بصير بين الموثق والصحيح ثم إن المراد بكتابة القران كما عن جماعة منهم جامع المقاصد صور الحروف قالوا ومنه التشديد والمد وفى الاعراب وجهان أقول الأقوى الدخول لأنها نقوش هيئات الألفاظ كما أن الحروف نقوش موادها وفى الروضة خط المصحف كلماته وحروفه وما قام مقامهما كالشدة والهمزة أقول ولا يبعد دخول ما كتب فيه رسما وان لم يتلفظ به كالالف بعد واو الجمع و أولي منه همزة الوصل والحروف المبدلة بغيرها في الادغام وغيره كالنون المقلوب ميما ولو كتب هذا الميم أو نون التنوين بالجرة للدلالة على الملفوظ ففي دخولهما وجهان من أنهما نقش الملفوظ ومن كونهما علامة له لا حاكيا له ولذا لو كتب متصلا بالحكمة خرجت عن صورة تلك لكلمة وكان غلطا ثم محكى عن جماعة اختصاص الماس بما تحله الحياة وهو حسن بالنسبة إلى الشعر دون السن والظفر فان فيهما تردد أو إن كان مقتضى الأصل حينئذ الإباحة لا كما ظن من أنه يجب مع الشك في صدق المس الاجتناب من باب المقدمة فإنه باطل جدا لان المحكم عند الشك في تحقق المفهوم المحرم وعدمه هو الرجوع إلى أصالة الإباحة كما في المشكوك في كونه غناء ثم المدار في الممسوس على ما كان من القران حتى الكملة الواحدة أو الحرف
(١٥١)