الأصلين عموم ما دل على وجوب غسل الثوب من النجاسة المرددة فإذا فرضناها بولا دل قوله عليه السلام اغسل ثوبك من أبوال مالا يؤكل لحمه على وجوب الغسل عقيب كل بول والامر بالغسل وان لم يعلم بقائه الا ان الاحتياط اللازم عند الشك في سقوط الامر يقتضى وجوب الغسل ويرده انا نقطع بان وجوب الغسل لتحصيل الطهارة فإذا حصلت ولو بحكم الأصل سقط وحاصل ذلك أنه يفرض كل فرد من النجاسة الملاقية سببا لوجوب غسل الثوب منها فإذا تحقق بعد زمن العلم بالحال الغسل بهما فالنجاسة الملاقية للثوب من أحد المشتبهين مع الطهارة الحاصلة له من استعمال الأخر نظير الحدث مع الطهارة في تقدمها عليه والفرق بين المقام ومسألة الطهارة والحدث جريان الأصل فيه لا فيها والمقام يحتاج إلى تأمل تام ولو فقد أحد المشتبهين فهل يجب غسل الثوب النجس بالآخر وجهان من أنه بعد الغسل محكوم بنجاسة شرعا بالاستصحاب فلا يفيد خصوصا فيما يلزم فيه تكثير النجاسة ظاهرا حيث يحكم بالاستصحاب بنجاسة أزيد من موضع النجس المتيقن بناء على أن مقتضى النجاسة تنجس الماء المغسول به لان ما حول المحل النجس لا ينفعل بالغسالة ولم يعلم كونها غسالة ومن أن عدم العلم بالنجاسة أولي في نظر الشارع من العلم بها حتى فيما يلزم منه تكثير النجاسة في الواقع لاستصحاب طهارة ما عدا المحل النجس اليقيني وعموم تنجس ملاقي النجس بعد تخصصه بما عدا أطراف المحل النجس من قبيل المخصص بالمجمل يرجع فيه إلى الأصل فتأمل {الطرف الثاني} في الماء (المضاف وهو كل مايع) يصح اطلاق اسم الماء عليه لعلاقة المشابهة الصورية فيخرج المايعات التي لا يصح اطلاق اسم الماء عليها الا من باب المبالغة في الميعان كما يقال للدهن والعسل المايعين مبالغة في ميعانهما وهو على أقسام منه ما حصل بالتصعيد كماء الورد وشبهه ومنه (ما اعتصر من جسم كماء) الحصرم والنيمو (أو مزج به مزجا) (يسلبه الاطلاق) كالمرق والخل وماء الزعفران ثم إن سلب الاطلاق موكول إلى العر ف ولا عبرة بكمية أحدهما وفى المبسوط تحديده بعدم أكثرية المضاف وعن القاضي المنع مع التساوي متمسكا بالاحتياط في مقابل تمسك الشيخ بأصالة الجواز وظاهر من تأخر عنهما الصدق العرفي وهو قد يكون واضحا وقد يكون خفيا على العرف الشك في اندارج هذا الفرد تحت المطلق أو المضاف فيجب حينئذ الرجوع إلى الأصول وعن مقتضاها انفعاله بالملاقات ولو كان كثير الان الأصل في ملاقي النجس النجاسة ولذا استدل في الغنية على نجاسة الماء القليل بالملاقات بقوله تعالى والرجز فاهجر لان المركوز في أذهان المتشرعة اقتضاء النجاسة في ذاته للسراية كما يظهر بتتبع الاخبار مثل قوله (ع) في الرد على من قال لا ادع طعامي من أجل فارة ماتت فيه انما استخففت بدينك حيث إن الله حرم الميتة عن كل شئ فان اكل الطعام المذكور لا يكون استخفافا بحكم الشارع بحرمة الميتة يعنى نجاستها الا من جهة ما هو المركوز في الأذهان من استلزام نجاسة الشئ لنجاسة ما يلاقيه ويدل عليه أيضا ان المستفاد من أدلة كرية الماء انها عاصمة عن الانفعال فعلم أن لانفعال مقتضى نفس الملاقاة فإذا شك في اطلاق مقدار الكر واضافته لم يتحقق المانع عن الانفعال و المفروض وجود المقتضى له نظير الماء المشكوك في كريته مع جهالة حالته السابقة ومن جميع ما ذكرنا يظهر ضعف التمسك في المقام بأصالة عدم الانفعال ثم إن العلامة بعد موافقة المشهور على اعتبار الصدق اعتبر في خلط المضاف المسلوب الصفات كمنقطع الرايحة من ماء الورد تقديرها وحكى عنه تقدير الوسط منها دون الصفة الشخصية الموجودة قبل السلب قال في الذكرى فحينئذ يعتبر الوسط في المخالفة فلا يعتبر في الطعم حدة الخل ولا في الرايحة ذكاء المسك وينبغي اعتبار صفات الماء في العذوبة والرقة والصفاء واضدادها انتهى ولم يقم على هذا القول دليل معتبر ولو امتزج المطلق بالمضاف على وجه يعلم بعدم صدق الاسمين فالظاهر اجراء احكام المضاف عليه لان سلب اسم الماء عنه يكفي في عدم ترتب اثاره وقد يتخيل احتمال ترتب اثار المطلق على اجزاء المطلق الموجودة فيه وترتب اثار المضاف على اجزاء المضاف كذلك بناء على عدم استهلاك أحدهما بالآخر فيصح ارتماس الجنب لانغماره بالاجزاء المائية الموجودة فيه بالفرض وفيه ان الاحكام منوطة بالماء العرفي وهو ما كان لاجزائه اتصال لا كالاجزاء المتلاشية في المضاف ولو امتزج الماء بمايع غير مضاف كالدبس أو بجامد فشك في سلب الاطلاق فمقتضى الأصل بقاء الاطلاق وقد يخدش فيه بان ما نحن في من قبيل الشك في اندراج هذا الجزئي الحقيقي تحت العنوان وهذا لم يكن متيقنا في أن السابق وما كان مندرجا في السابق تحت ذلك العنوان كان جزئيا حقيقيا اخر متشخصا بمشخصات اخر وفيه ان الظاهر من كلمات العلماء في نظائر هذه المسألة جريان الاستصحاب وان المراجع في تعين الموضوع في الاستصحاب وبقائه في الان اللاحق ليحمل عليه المستصحب هو العرف ولذا اتفقوا على اجزائه فيما لو شك في بقائه على القلة أو الكثرة بعد زيادة شئ من الماء عليه أو نقصانه عنه ونحو ذلك وهو أي المضاف مع طهارة أصله طاهر لكنه لا يزيل حدثا أصغر ولا أكبر ولا حكمهما عن مثل السلس والمستحاضة ولا شبههما من القذارة المعنوية التي يطلب لأجلها الأغسال المنسوبة وبعض الوضوءات اجماعا كما هو صريح جماعة ونفى الخلاف عنه في المبسوط بين الطائفة وفى السرائر بين المحصلين لكن في المعتبر عن الخلاف حاكية جواز الوضوء بماء الورد عن بعض أصحاب الحديث منا وحكى هو عن ابن بابويه في كتابه أنه قال لا باس بالوضوء والغسل من الجنابة والاستياك بماء الورد قال وربما كان مستنده رواية
(٤٤)