كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ٩٧
تقربا صحيح على أحسن الأحوال هذا كله إذا قلنا إن مرجع استحباب الأجزاء إلى الاستحباب الفرد المشتمل عليها بان يكون اجزائه واجبة للفرد الأفضل كما هو الظاهر من استحباب الشئ على وجه الجزئية إما إذا كان الشئ مستحبا نفسيا في العبادة فالامر أوضح إذ لا تركيب الواجب منه المصباح أصلا (الثالث) لا فرق في بطلان العمل بضم الرياء بين دخله في أصل العمل أو في ترجح بعض افراده على بعض فليس الرياء كالضميمة المباحة التي تقدم انها لا يقدح في ترجيح بعض الافراد على بعض والوجه فيه واضح فان الامر بالكلى انما يلزم منه التخيير في الافراد المباحة دون مطق الافراد حتى المحرمة مع أنه يصدق عليه انه عمل هذا العمل الخاص لغير الله ولا يتوهم استلزام ذلك للاعتراف بفساد الفرد المشتمل على الجزء المستحب المرائي فيه لان متعلق النهى حقيقة هو هذا الجزء المغاير لباقي الأجزاء في الوجود ووجود الكل في ضمن باقي الأجزاء مغاير لوجوده في ضمن المشتمل عليه فلا محذور في اتصاف أحدهما بالواجب والاخر بالحرمة بخلاف الفرد المتشخص بالخصوصية المقصود بها الرياء فإنه متحد مع المحرم وبعبارة أخرى المنتهى عنه لجزئه انما يرجع النهى إلى جزئه والمنهى عنه لوصفه المشخص لوجوده يرجع النهى إلى محل الوصف وهو نفس الفرد الموجود نعم أو وقع الرياء في بعض الخصوصيات الخارجة عن الفرد من حيث الوجود لم يقدح وان انتزع عنه صفة قائمة بالفرد فاستقبال القبلة في حال الوضوء رياء لا يبطل الوضوء وان صدق انه توضأ مستقبلا وكذا التحنك في الصلاة ومن هنا يفرق في الكون في مكان خاص رياء بين الصلاة فيبطل وبين الوضوء فلا يبطل واما الزمان فالظاهر عدم الفرق في بينهما فمن توضأ قبل الوقت للتهيؤ رياء يبطل (الرابع) كما ذكره بعض علماء الأخلاق طلب المنزلة عند غيره تعالى بالعبادة وظاهره اختصاصه بداعي مدح الناس فلو قصد بذلك دفع الذم عن نفسه كما لو راعى في القراءة آدابها الغير الواجبة دفعا لنسبة النقص إليه بجهله بطريقة القراء لم يكن بذلك باس وظاهر الأخبار الواردة في باب الرياء أيضا الاختصاص بذلك نعم لو كان دفع الضرر داعيا مستقلا إلى أصل العمل دون الخصوصيات فسد ولو كان جزء الداعي بنى على ما تقدم في الضميمة المباحة لأنه أحد افرادها وقال الشهيد قده في قواعده و يتحقق الرياء بقصد مدح الرائي والانتفاع به أو دفع ضرره ثم قال فان قلت فما تقول في العبادة المشوبة بالتقية قلنا أصل العبادة واقع على وجه الاخلاص وما فعل فيها تقيه فان له اعتبارين بالنظر إلى أصله فهو قربة وبالنسبة إلى ما طرء من استدفاع الضرر فهو لازم لذلك فلا يقدح في اعتباره إما لو فرض احداثه صلاة تقية فإنه من باب الرياء انتهى وقوله أو دفع ضرره عطف إما على الانتفاع فيكون كلاهما غاية للمدح واما على المدح فيكون غاية مستقلة وعلى هذه فمطلق الرياء ليس محرما لان التوصل إلى دفع الضرر ولو بطلب المنزلة عند الناس وطلب مدحهم له لا دليل على تحريمه بل قد يجب وظاهر الاخبار حرمة الرياء بقول مطلق فالأجود تخصيص حقيقة الرياء بما هو ظاهر التعريف الأول من طلب المنزلة بتحصيل ما لم يكن حاصلا من المنافع المحرمة أو المباحة فدفع الضرر من الضمايم الغير المحرمة وحكمه يعلم منهما فما ذكره قده في العقايد يحتاج إلى تأمل نعم يبقى على ما ذكرنا طلب المنزلة عند الناس لتحصيل غاية راجحة كترويج الحق وإماتة الباطل بكلمته المسموعة فالظاهر عدم دخوله في الرياء لان مرجعه إلى طلب المنزلة عند الله ولو نوقش في الصدق منعنا حرمته لان عموم حرمة الرياء معارض بعموم رجحان تلك الغاية ثم إن السمعة وهي ان يقصد بالعمل سماع الناس به فيعظم رتبته عندهم من افراد الرياء واما حب استماع الناس لعلمه من دون ان يفعله لذلك فهو كحب ورؤية الغير لعمله وسروره بذلك من دون ان يعمل لذلك مما ورد عدم الباس به ففي حسنة زرارة سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يعمل العمل من الخير فيره انسان فيسره ذلك فقال لا باس ما من أحد الا وهو يحب ان يظهر له في الناس الخير إذا لم يكن يصنع ذلك لذلك قوله ما من أحد محمول على إرادة ذلك من حيث الفطرة والجبلة أو على أن أكثر افراد الانسان لا يخلو عن ذلك غاية الأمر ان المخلصين انما يحبون ذلك لأغراض راجحة شرعا كما سيجئ وغيرهم يحبه لقلة الوثوق باطلاع المعبود تعالى عليه وهو خلق ذميم يفضى إلى الرياء لان من أحب شيئا مال إلى تحصيله لكنه لا يفسد العلم لأنه خارج عنه وغير قادح في غرض العامل وعن بعض الكتب أنه قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله استر العمل لا يحب ان يطلع عليه أحد فيطلع عليه أحد فيسرني فقال صلى الله عليه وآله لك اجران اجر السر واجر العلانية والمراد باجر العلانية إما ما حصل له من حب الناس له باطلاعهم على حسن باطنه فيكون قد حصل له ثوب الآخرة باخلاصه وكراهة اطلاع الغير على ما بينه وبين الله وثواب الدنيا بحسن ذكره بين الناس واما ما حصل له بسروره على اطلاع الغير عليه من حيث صيرورته سببا للاقتداء الغير به من اجر من أعلن بالعمل إرادة لاقتداء الناس به في الخير ثم إن الكلام في الضميمة المحرمة غير الرياء والسمعة يعلم مما تقدم فيهما فان الضميمة إن كانت من قبيل العنوان فلا اشكال في قصده كون مبطلا لصيرورة الفعل الواحد عنوانا لواجب ومحرم فيكون حراما وإن كانت من قبيل الغاية كان قصدها منافيا للاخلاص مع أن الفعل لأجل الغاية المحرمة محرم ولو مقدمة فيلزم اجتماع الواجب والحرام ومنه يعلم أنه لا فرق بين كون الحرام غاية لأجل العمل أو لترجيح بعض خصوصياته على بعض المقام الثالث في الضميمة الراجحة والظاهر أنها لا تخل بالعبادة وفى المدارك عدم الخلاف في الصحة هنا وعن شرح الدروس الاتفاق عليه وهو غير بعيد لأنها تؤكد القربة المقصودة بها لتأكيد مطلب المتعلق بها من حيث تخل تحصيل راجحين بها لكنها انما يوجب التأكيد إذا كان
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263