كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ١٢٥
مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبك إلى أطراف أصابعك فقد أجزء فقد يتوهم كون الموصول فيها تحديد الممسوح منه دون الممسوح نظير تحديد موضع مسح الرأس بالمقدم لان الموصول إن كان بدلا عن القدمين فدلالته على كون ما بين القدم والكعب نظير الرأس محلا للمسح واضحة وان جعل بدلا عن الشئ بان يكون المراد به مسح من القدمين شيئا هو ما بين الكعب إلى أطراف الأصابع فان جعل الباء في شئ للتبعيض كان كالأول في وضوح الدلالة على ما ذكرنا وان جعل زائدة أو المجرد الالصاق فهو وان دل على الاستيعاب طولا لكنه يدل على الاستيعاب عرضا أيضا يجب مسح جميع ما بين الامرين طولا وعرضا وهو خلاف الاجماع فيجب مخالفة الظاهر في الآية والأصل عدمها نعم لو جعل مع كونه بدلا عن الشئ.
موصوفة يعنى إذا مسح من القدمين شيئا يكون من الكعب إلى أطراف الأصابع فان أريد مما بين العكب إلى الأصابع ما يقع متوسطا بينهما فلا يدل على الاستيعاب الطولى وان أريد منه ما بين الامرين بان يكون أوله أحدهما واخره الأخر فيدل على مطلب المشهور وهو الاستيعاب لكنه خلاف ظاهري الموصول ولفظ ما بين هذا ولكن يندفع هذا التوهم تفريع الامام قوله (ع) إذا مسحت إلى اخره على الآية ظاهرة في الاستيعاب الطولى وكفاية المسمى في العرض بحيث يظهر منه (ع) الاستدلال على ما قاله والاستشهاد عليه بالآية كما لا يخفى على من لاحظ الرواية من أولها ولا ريب ان شيئا من المعاني المحتملة المذكورة لا يصح للتفريع على ظاهر الآية على ما هو منطبق عدا مذهب المشهور وإن كان احتمالا مرجوحا في نفسه أو مساويا لما في الاحتمالات لكن هذا مبنى على ظهور الآية في الاستيعاب الطولى بناء على كون إلى بمعنى مع كما عرفت سابقا إذ لا معنى حينئذ لمسح مسمى الكعب أو جعل الغاية للممسوح هو البعض المستفاد من الباء لا للممسوح منه لكن الانصاف ان الآية بعد صرفها عن ظاهرها الذي هو كون الغاية للمسح ظاهرة في كونها غاية للأرجل فيكون الممسوح بعض هذا العضو المعنى إلى الكعب (و) الكعبان هما (قبتا القدمين) كما في المقنعة وزاد فيها امام الساقين ما بين المفصل والمشط إلى أن قال إن الكعب قدم واحده وهو ما على منه في وسط القدم على ما ذكرنا وادعى الشيخ قده في التهذيب الاجماع على هذا المعنى وكذا الشهيد في الذكرى وعن الانتصار ومجمع البيان وغيرهما انهما العظمان النابتان في ظهر القدم مدعيا في الأول الاجماع وفى ظاهر الثاني اتفاق الامامية وفى المعتبر انهما العظمان النابتان في وسط القدم مدعيا عليه اجماع فقهاء أهل البيت (ع) وبالجملة فلا اشكال ولا خلاف بين الامامية في أنهما في ظهر القدم ولبسا العظمين الذين في جانبي الساق وانما وقع الاشكال في مقام اخر وهو ان العلامة قدس سره فهم من هذه العبارة الواردة من علمائنا رضوان الله عليهم في تفسير الكعب بعد اعترافه بان الكعب هو ما ذكروه لا غير أنه هو العظم النائي الواقع في مجمع الساق وقد اخذ بعض من تأخر عنه في التشنيع عليه بمخالفته للاجماع والاخبار وقول أهل اللغة فذكروا في رده كلمات العلماء التي هي عين ما ذكر من العبارات ومن الاخبار ما ورد من وصفه (ع) و الكعب في ظهر القدم وما دل على عدم وجوب ادخال اليد الماسحة تحت الشراك وادعى في الذكرى كما عن المدارك ان لغوية الخاصة متفقون على أن الكعب هو الناشر في ظهر القدم وفى الذكرى ان عميد الرؤساء صنف كتابا في الكعب أكثر فيه من الشواهد على أنه الناتى في ظهر القدم امام الساق وما يقع مقعد الشراك وعن نهاية ابن الأثير ان قوما ذهبوا إلى انهما الكعبان اللذان في ظهر القدم وهو مذهب الشيعة قال ومنه قول يحيى بن الحارث رأيت القتلى يوم زيد بن علي فرأيت الكعاب في وسط القدم وعن المصباح انه ذهب الشيعة إلى أن الكعب في ظهر القدم و حكى هذه النسبة في مجمع البحرين عن بعض اخر أيضا وفى مقابل هؤلاء من طعن على القول بان الكعب هو العظم الناتى بأنه لا شاهد له لغة ولا عرفا ولا شرعا كما صرح به في كنز العرفان بعد اختيار مذهب العلامة أقول الانصاف ان الطعن على العلامة لكل من الثلاثة المذكورة في غير محله وإن كان الأقوى في المسألة ان الكعب ليس في مجمع الساق والقدم الا ان ذلك ليس من الوضوح بمكان يوجب الطعن على مخالفه لمخالفة النصوص والفتاوى وكلام اللغة كما أن قول العلامة ليس من الوضوح بحيث يطعن على مخالفه فيخلوا عن الشاهد رأسا كما عرفت من كنز العرفان بل الانصاف ان المسألة لا تخلو عن غموض وخفاء منشأ ذلك أن العلامة لم يخالف الامامية في تفسير الكعب فإنه قده قال في التذكرة ان الكعبين هما العظمان الناتيان في وسط القدم وهما معقد الشراك أعني مجمع الساق والقدم ذهب إليه علمائنا أجمع وبه قال الشيباني انتهى وفى المنتهى ذهب علمائنا إلى أن الكعبين هما العظمان الناتيان في وسط القدم وهما معقد الشراك وبه قال الشيباني انتهى وما ذكره في الكتابين بعينه هو الذي ادعى في المعتبر اجماع فقهاء أهل البيت (ع) عليه وهذه العبارة هي المحكية عن السيد والطبرسي والشيخ والحلى وغيرهم على ما حكى وكيف كان فلم يذكر أحد من القدما و اتباعهم ما يخالف ما ذكره العلامة في الكتابين مدعيا عليه الاجماع سوى المفيد قده حيث عبر بقبتي القدمين والشيخ وان ادعى في التهذيب الاجماع على هذا التفسير الا ان تعبيره في كتبه الأخر بعين ما ذكره العلامة يدل على اتحادهما عنده كما أن القول المحقق في المعتبر أولا ان الكعبين قباء القدمين ثم تفسيره بما ذكرنا عنه مدعيا الاجماع عليه صريح مفهوم هذا التفسير مع القبة فعلم من ذلك أن العلامة زعمه لم يخالف أحدا الا انه يدعى إرادة العلماء من هذه العبارة ما ذكره فلا ينبغي ان يرد عليه بكلمات هؤلاء بل ينبغي ان يطالب الدليل والقرينة على ما يدعيه في كلمات العلماء وسنذكره ما يصلح له وله ان يجعل استدلالهم بصحيحة الأخوين المفسرة الكعب بالمفصل وغيرها مما سنذكره قرينة على ما استفاده
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263