في واقعة مجملة بل ظاهرة في بقاء البلل ورواية ابن يقطين محمولة على الغالب نعم قد يستدل الإسكافي بروايات أبي بصير ومعمر بن خلاد وعمارة بن أبي عمارة الظاهر في تعيين المسح بماء جديد مع التمكن من المسح ببقية البلل والمنع عنه وحملها حينئذ على التقية متعين نعم يمكن الاستدلال له بخبر منصور عن أبي عبد الله (ع) فيمن نسى مسح رأسه حتى قام في الصلاة قال ينصرف ويمسح رأسه ورجليه وفى خبر أبي بصير إن كان استيقن ذلك انصرف فمسح على رأسه ورجليه واستقبل الصلاة وان شك فلم يدر مسح فيتناول من لحيته إن كانت مبتلة وإن كان امامه ماء فليتناول منه وليمسح به رأسه بناء على شمول حكم النسيان الصورة بقاء البلل الموجب لبقاء الموالاة وعدم بقائه بمقدار يصلح للأخذ منه للمسح لكنها واجبة التقييد بما تقدم من الاخبار ثم إن ظاهر اطلاق رواية علي بن يقطين وصدر مرسلة الصدوق انه لا فرق في النداوة الممسوح بها بين ان يكون من اليد أو من ساير الأعضاء نعم مع وجود البلل فيها يكون الاخذ من الخارج غير محتاج إليه ولا ينافي اطلاق المرسلة قوله فيها فإن لم يبق في يدك من نداوة وضوئك لان قوله من نداوة وضوئك إشارة إلى أن العبرة بما في اليد من حيث إنه نداوة الوضوء واليد كالظرف له لا انها مقيدة بكونها في اليد فهذه الفقرة نظير قوله بعد ذلك فإن لم يكن لك لحية مسوق لبيان الأسهل فالأسهل عادة لا الترتيب لعدم الترتيب بين اللحية وغيرها اتفاقا على الظاهر وعلى هذا فقول المصنف قدس سره (ولو جف ما على يده اخذ من لحيته وأشفار عينه) تعليق مبنى على المعتاد من عدم اخذ بلل المسح من غير اليد مع وجوده عليها ولذا قال في المدارك بعد اختيار عدم الترتيب بين اليد وغيرها تبعا لجده ان التعليق في كلام الأصحاب خرج مخرج الغالب واعترض على ذلك الوحيد البهبهاني بأنه لا معنى لذلك إذا كان الاخذ جايزا مطلقا فلو كان الظاهر لهم عدم اشتراط الجفاف لصرحوا بذلك ولم يكن عبارتهم صريحة في الاشتراط انتهى وحاصله انهم لو اقتصروا على قولهم يجب المسح ببقية بلل الوضوء لم يحتج إلى تعدد العنوان في كلامهم لواجد بلة اليد وفاقدها ومنه يظهر ان ما حكى عن العلامة الطباطبائي من أن المشروط بجفاف اليد وجوب الاخذ من غيرها لا جوازها لا يخلو عن نظر لان ذلك كله كان يؤدى بإضافة البلة إلى مطلق الوضوء بعد خصوص اليد الا ان يقال إن تعدد العنوان في كلامهم للإشارة بعنوانهم الثاني إلى رد ابن الجنيد المسوغ للاستيناف مع جفاف خصوص اليد هذا ولكن الانصاف ان هذه المحامل انما تحسن إذا استفيد الحكم من ساير كلماتهم والا فنسبة الحكم إليهم بمجرد ذلك لا وجه له خصوصا مع اتفاق أكثرهم على التصريح بهذا الاشتراط كما في المقنعة والمبسوط والسرائر وكتب الفاضلين والشهيد وعن الانتصار ان مما تفردت به الإمامية القول بان مسح الرأس يجب ببلة اليد فان استأنف ماء جديدا لم يجز حتى أنهم يقولون إذا لم يبق في اليد بلة إعادة الوضوء انتهى نعم اطلق في المتن كما في الوسيلة والتذكرة والارشاد والذكرى أنه يكون ان يعتبر المسح ببلة الوضوء وأطلق البلل في المعتبر والألفية والجعفرية وفى المبسوط يمسح ببقية النداوة ويمكن حمل الاطلاق في هذه الكلمات على الغالب وهو بلل اليد فليحمل من الطرفين و يمكن ذلك في الاخبار أيضا إذ كما يجوز حمل تقييد البلة باليد في الاخبار على الغالب من عدم الحاجة إلى اخذ البلل من غيرها يجوز حمل المطلق منها كالروايتين المتقدمتين على الغالب المتعارف وهي بلة اليد ومنه يظهر ضعف ما تمسك به في الروض مما دل على اخذ ناسي المسح من بلل لحية من دون تقييد بعدمه في اليد إذ لا يخفى ان الغالب في الناسي عدم بقاء البلل على يده ومن الانصاف ان اطلاق المرسلة ورواية ابن يقطين وكذا اطلاق فتاوى من اطلق البلل أقوى من مقيدات النصوص والفتاوى في التقييد مع أن اللازم على تقدير تكافوء الحملين هو الرجوع إلى اطلاق الآية والروايات الدالة على وجوب مجرد مسح اليد والثابت بالاجماع استصحاب الماسح لبلل إما كونه بلل خصوص اليد فلم يثبت فالقول بالاطلاق إذ لا يخلو عن قوة وفاقا لظاهر الألفية والموجز وشرحه وصريح المسالك والروض والمقاصد العلية والمدارك والمشارق وغيرها بل الكل بناء على ما ذكره الشهيد الثاني من حمل كلماتهم على إرادة الترتيب العادي لا الشرعي الا ان المسألة لا تخلو عن اشكال فلا ينبغي فيها ترك الاحتياط وعلى القول بوجوبه فهل يجب الاقتصار على ما يعتاد المسح به من باطن أصابع الكف على القول بوجوب ذلك أو يؤخذ باطلاق اليد في المقيدات وجهان من الاطلاق وقوة احتمال انصرافه إلى بلل ما يجب المسح به وعليه فلا يجوز الاخذ من ظاهر اليد فضلا عن الذراع مع وجود البلل من الباطن نعم لو فقد بلل الباطن ففي تعيين الاخذ من الظاهر أو الذراع مخيرا فيهما أو مترتبين كما هو ظاهر الذكرى أو التخيير بينها وبين اللحية وجوه وهل يجوز الاخذ من باطن اليسرى انما يصح المسح به إذا كان أصل المسح باليسرى فلا يجوز نقله إلى ماسح اخر والاحتياط لا ينبغي تركه ولو أمر يده على ذراعه الأيسر عند غسلها أكثر مما يتحقق به الاستظهار الواجب أو المستحب في الغسل ففي كون ذلك بمنزلة مزج البلل الذي يجب المسح به بماء اخر كما إذا غسلها مرة ثالثة وعدمه وجهان لا يبعد ابتنائهما على أن الزياد على أقل الافراد هل يتصف بالوجوب أو لغو محض إذا علم عدم اتصافه بالاستحباب كما في المقام ثم إن المراد ببلل الوضوء هو الباقي من الماء المشتمل في الوضوء فلو جرى منه إلى غيره فإن كان أجنبيا عن محل الوضوء كالجاري من الوجه إلى العنق والصدر فلا اشكال في عدم جواز المسح به كما لا اشكال في جوازه إذا كان باقيا في محله إما إذا جرى على محل مغسول فالظاهر أنه ليس كالأجنبي وإن كان الماء أجنبيا بالنسبة إليه ولو بقى لمعة فصبت
(١٢٠)