والوجه رطب وتمسح الرأس والرجلين واليدان رطبتان في الهواء المعتدل انتهى والقيد الأخير راجع إلى تقييد غسل كل عضو برطوبة ما قبله فيسقط هذا التقييد مع عدم الاعتدال فيخرج افراط الحرارة لا مقابله كما تقدم وعن الجعفي من فرق في وضوئه حتى يبس اعاده انتهى وظاهر هذه العبارات كلها اعتبار الجفاف الفعلي دون مقداره نعم ربما يوهم ظاهر جملة من العبارات التقدير بمقدار زمان الجفاف في الهواء المعتدل فلا عبرة بالجفاف قبله ولا ينفع عدمه بعده قال السيد في الناصريات ومن فرق بمقدار ما يجف معه غسل العضو الذي انتهى إليه وقطع منه الموالاة في الهواء المعتدل وجب عليه إعادة الوضوء انتهى وقال السيد أبو المكارم قده في الغنية في الموالاة هي ان لا يؤخر غسل الأعضاء بمقدار ما يجف ما تقدم في الهواء المعتدل انتهى وقال في الكامل هي متابعة بعض الأعضاء ببعض فلا يؤخر المؤخر عما يتقدم بمقدار ما يجفى المتقدم في الزمان المعتدل انتهى وربما يوهم ظاهر هذه العبارات الثلاث تحديد التفريق المبطل بمقدار حصول الجفاف في الهواء المعتدل فيقدر ذلك في افراط الحرارة والبرودة الا ان التأمل فيها يقضى بعدم ظهورها في المقدار النوعي الجفاف في الهواء المعتدل وهو الزمان الموازى لزمان الجفاف بل يحتمل قريبا إرادة نفس الزمان الشخصي للجفاف فهو في قوة ان يقال إن لا يؤخر إلى أن يجف كما صرح بذلك في العباير المتقدمة فالانصاف ان العبارة قابلة للامرين لا ظاهرة في المقدار النوعي ويشهد لما ذكرنا ملاحظة النظائر العرفية لهذا الكلام مثل قولك جلست عند زيدا واجلس عنده بمقدار ان يصلى الظهر ويشهد لما ذكرنا تعبير السرائر في ذيل كلامه بالمقدار مع أن صدره كما عرفت كالصريح في اعتبار الجفاف الفعلي وكذلك ملاحظة عبارة القاضي في المهذب والكامل وعلى ما ذكرنا من مفاد الكلمات المذكورة فهى ساكتة عن حكم التفريق مع افراط حرارة الهواء ومع قلة (الماء) أو حرارة البدن أو بطؤ الاستعمال أو تجفيف البدن فلا يظهر منها الا حكم الجفاف بالتفريق مع اعتدال الهواء وحكم الجفاف بدون التفريق مع افراط حرارته ولو مع اعتدال الهواء بقى الكلام في أن تلك العبارات مع ظهورها في اعتبار الجفاف الفعلي وعدم التقدير في الهواء المفرط في الرطوبة ظاهرة في أن التفريق الموجف للجفاف والتأخير في الهواء المفرط في الحرارة غير مضر خصوصا عبارات المبسوط والمهذب والتحرير حيث فرض التقييد بالاعتدال فيها في صورة التفريق وترك الموالاة مضافا إلى ظهور ذيل عبارة التحرير في أنه حد مرخص في البناء مع الجفاف ولا يرخص في تجديد الماء للمسح وهذا لا يكون الا مع التمكن من ابقاء بلل الوضوء بالمتابعة أو باكثار الماء أو بالذهاب إلى مكان معتدل واحتمال سقوط المسح رأسا في غاية السقوط نعم المحكي عن بعض النسخ يجوز بدون لا وكيف كان فلم يتعرض هؤلاء المجوزون للتفريق الموجب للجفاف مع افراط الحرارة لمقدار الرخصة في التفريق في هذا الفرض فلابد إما من ترخيص التفريق في الهواء الحار مطلقا أو تقدير ذلك بمقدار الجفاف في الهواء المعتدل مع أنهم كما عرفت مما استظهرناه من عبائرهم لم يبرموا بالتقدير في افراط الرطوبة فيرد عليهم سؤال الفرق نعم على ما استظهره شارح الدروس ومن تبعه منهم جمال الدين من ظهور كلامهم في التقدير في صورتي الافراط لا يرد عليهم شئ لكنك عرفت ظهور كلماتهم في عدم تقدير الجفاف في افراط الرطوبة وسكوتهم عن حكم مقدار التفريق الذي رخصوه في ظاهر كلماتهم في افراط الحرارة نعم صرح جماعة ممن تأخر عن العلامة كالشهيدين في الألفية و شرحها والمحقق الثاني في الجعفرية وشارحها ان التفريق الموجب للجفاف مبطل حتى مع عدم الاعتدال بان فرض تفريق يسير أوجب الجفاف لافراط الحرارة وانه يسقط اشتراط الموالاة الا في صورة تعذر ابقاء البلل قال في الألفية في تفسير الموالاة المعتبرة في الوضوء هي متابعة الافعال بحيث لا يجف السابق الا مع التعذر كشدة الحر وقلة الماء قال الشارح في المقاصد العلية أي مع اجتماعهما معا فيسقط اعتبار ذلك انتهى وقال في الجعفرية في تفسير الموالاة المعتبرة وهي ان تكمل الطهارة قبل جفاف ما تقدم ومع التعذر لشدة الحر وقلة الماء قيل بالسقوط وليس ببعيد و حكى الشارح قولا اخرا بوجوب التيمم وضعفه فان ظاهر المتن ان سقوط اعتبار الموالاة انما هو في الصورة التي اختلف فيها بين المسح بماء جديد وبين التيمم وانه لا يسقط اعتبارها في مقام لا يحتاج معه إلى تجديد الماء بل ظاهر عبارة العلامة في التحرير ذلك أيضا وان استظهرنا من صدرها خلافه بناء على اسقاط حرف النفي عن قوله يجوز كما تقدم فإنه يكون قوله ولو جف الصريح في صورة تعذر ابقاء البلل بيانا لما احترز عنه بقيد الهواء المعتدل وظاهره ان جواز البناء انما هو في هذه الصورة ومن هنا يمكن استظهار ذلك من عبارة المعتبر أيضا حيث قال بعد اطلاق الحكم بابطال الجفاف فرع لو جف ماء الوضوء من الحر المفرط والهواء المحترق جاز البناء واستيناف الماء الجديد دفعا للحرج انتهى ونحوها عبارة المنتهى فان تعلق جواز البناء على الجفاف الحاصل من الحر ربما يستظهر منه عدم جوازه لو كان الجفاف بمدخلية التفريق وبالجملة فالظاهر عدم مخالفة باقي الأصحاب الشهيد ومن تبعه وكيف كان فالمتبع هو الدليل وقد عرفت عدم الدليل على البطلان بالجفاف مع الموالاة ولا فرق في ذلك بين حصوله اختيارا بتجفيف أو تقليل ماء وبين حصوله لضرورة واولى بعدم الفتح ما لو وقع على العضو الممسوح أو المغسول ماء استهلك معه رطوبة الوضوء نعم على مذهب الشهيد ومن تبعه يحتمل الحاقه بالجفاف تنزيلا لاستهلاكه منزلة عدمه و الأقوى العدم ولهذا اتفقوا على أن الغسلة الثالثة لا تبطل الوضوء لو لم يمسح برطوبتها وهل العبرة بعد الاستهلاك بجفاف تمام الرطوبة
(١٣٦)