جمعهم بنية متحدة الوجه ولو قيل باجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط أمكن انتهى وفى القواعد الشهيد بعدما تقدم من الحكم بالبطلان ما لفظه و يحتمل الأجزاء لان نية الوجوب هي المقصودة فتلغو نية الندب أو نقول يقعان فان غاية غسل الجنابة رفع الحدث وغاية غسل الجمعة النظافة فهو كضم التبرد إلى التقرب انتهى وما ذكره من أن نية الوجوب هي المقصودة يحتمل رجوعه إلى ما في الذكرى ويحتمل كونه وجها ثالثا في رفع الاشكال وذكر في الروض بعد تقوية اعتبار نية السبب في الغسل المندوب قال ويمكن سقوط اعتبار السبب هنا ودخوله تحت الوجوب كما في الاذكار المندوبة خلال الصلاة الواجبة والصلاة على جنازتي من زاد على الست ومن نقص انتهى أقول تقرير الاشكال هنا من وجهين (أحدهما) كون الفعل الواحد محكوما بالوجوب والاستحباب وان لم يعتبر نية الوجه (الثاني) امتناع نية الوجوب والندب معا في الفعل الواحد ومنشأ التنافي هو الأول ثم إنه قد تقرر في موضعه عدم اجتماع حكمين فعليين على فعل واحد سواء كانا متضادين كالوجوب وغيره أم متماثلين كوجوبين ونحوهما فكما ان اتصاف غسل واحد بالوجوب واستحباب الفعليين لا يجوز فكذا لا يجوز اتصافه بوجوبين وكما يكن اجتماع وجوبين في فعل واحد بان يكون عنوانا لكليين واجبين كذلك يمكن اجتماع جهتي وجوب وندب فيه كإطاعة الوالد وإجابة الصديق المجتمعين في فعل واحد ولا ريب ان غسل الجمعة وغسل الجنابة إذا قلنا بكونهما مفهومين متصادقين كما يظهر من رواية الحقوق كان مصداقهما مجمعا لجهتي الوجوب والندب لا لنفس الوجوب والندب الفعليين بل الفعل متصف فعلا بالوجوب دون الاستحباب لان وجود الجهة المانعة من الترك لا يزاحمه وجود جهة أخرى غير مانعة من الترك بخلاف العكس وحينئذ فان اعتبرنا في العبادة نية الوجوب أو الندب لم ينو هنا الا الوجوب ولو اكتفينا بنية وجههما بالمعنى المتقدم في مسائل النية نواهما معا ويمكن تطبيق ما ذكرنا على جميع ما ذكره الشهيد فان مراده من لغوية نية الندب عدم الفائدة فيه لان الفعل غير متصف بالفعل الا بالوجوب وإن كان الجهة النادبة موجودة فيه ومراده من وقوعهما معا وقوع الغايتين المقصودتين من الواجب والمندوب ومراده من تأكد الوجوب بالندب تأكد جهته من حيث إن الرجحان يصير اكد من دون معارضة المصلحة إذا الندب يحتاج إلى مصلحة غير مانعة من الترك أو مجوزة للفعل من جهته لامن جميع الجهات حتى يعارض الجهات الموجبة ولذا يسقط الاستحباب بمجرد طريان سبب الوجوب الأصلي بسبب النذر أو المقدمي بسبب صيرورته مقدمة لواجب ومما ذكرنا يظهر مراد العلامة ره في التذكرة من نية الوجهين في الصلاة الواحدة على البالغ ستا والناقص عنها نعم يتأتى على مذهب من جواز اجتماع الحكمين المتضادين في فعل واحد من جهتين نية الوجوب والندب الفعليين ولهذا تقصى بعضهم عن هذا الاشكال لكن الظاهر أن العلامة لا يقول بذلك واما ما ذكره في الروض من التمثيل بالصلاة الواجبة المشتملة على الاذكار المندوبة من حيث إن تلك الصلاة فرد من مطلق الصلاة فيجب ومشتملة على المندوب فيكون مندوبة لجواز تركها لا إلى بدل فان المقتصر فيها على الواجب هو بدل عن مجموع الأجزاء الواجبة الموجودة في الفرد المشتمل على المندوب لا عن مجموع الواجب والمندوب يمكن ان يريد ان المقصود أصالة هو الواجب و المندوب وانما يؤتى به تبعا والاحتمال الأول انسب فعطف هذا المثال على مثال الصلاة على بالغ وغيره والثاني هو الذي صرح به في القواعد حيث علل الاكتفاء بنية الوجوب بان المندوب في حكم التابع ونية المتبوع يغنى عن نية التابع ثم إن المحكي عن صاحب الذخيرة انه تقصى عن الاشكال أولا بان الدليل لما دل على الاجتزاء بغسل واحد عن الغسلين يلزم ان يقال إحدى الوظيفتين يتأدى بالأخرى بمعنى انه يحصل له ثوابها وان لم يكن من افرادها حقيقة كما تتأدى صلاة التحية بالفريضة والصوم المستحب بالقضاء (وثانيا) بان ما دل على استحباب غسل الجمعة مختص تصوره لا يحصل سبب الوجوب والمراد من كونه مستحبا انه مستحب من حيث نفسه مع قطع النظر عن طريان العارض المقتضى للوجوب انتهى أقول مرجع الأول إلى وجوب قصد خصوص الجنابة لا كليهما والاشكال مفروض في الثاني دون الأول واما الثاني فان أريد به وجوب غسل الجمعة لعارض فهو بعيد جدا وان أريد وجوبه من حيث مصادقة مع عنوان واجب فالاشكال في أنه محكوم بالاستحباب المضاد للوجوب أولا فلا يجوز قصده والمفروض قصد الغسلين واضعف من الوجهين ما ذكره بعض المعاصرين وهو ان هذا الفرد ليس مصداقا للكليين حتى يلزم الاشكال بل هو أمر خارج عنهما فهو من قبيل فرد لكلي اخر اجتزى الشارع به عن الواجب والمندوب لكن لما شابههما في الصورة سمى بالتداخل والا فهو ليس غسل جنابة وغسل جمعة ليرد ذلك ثم قال فان قلت هذا الغسل واجب أو مستحب أو كلاهما قلت هو حيث يقوم مقام الأغسال الواجبة فهو أحد فردي الواجب المخير بمعنى ان المكلف مخير بين ان يأتي بالفعلين أو بالفعل الواحد المجزى عنهما وحيث يقوم مقام الواجب والمندوب فهو مندوب محضا لأنه يجوز تركه لا إلى بدل لان بدله الواجب والمستحب جميعا يجوز تركه والاقتصار على الواجب فقط وهو ليس بدلا عنه فيجوز تركه لا إلى بدل فلا يكون واجبا ينوى بناء على اشتراط نية الوجه الندب فيه مع نية الاجتزاء به عن الواجب والمندوب وعلى عدم الاشتراط ينوى القربة مع نية الاجتزاء به عن الجميع انتهى أقول لا يخفى ان الامتثال المقصود في العبادات لا يكون الا بعد تعلق الامر بها والامر بهذا الفعل الخارج عن مصداق الفعلين المأمور بهما بأمر مستقل ليس الا ما كشف عنه قوله (ع) أجزأك عنهما غسل واحد إذ ليس بعد قطع النظر
(١٠٧)