كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ١٠٦
ظهور الصحيحة المذكورة في نية الجميع وربما يستدل للاجزاء بقوله (ع) في رواية عثمان بن يزيد ان اغتسل بعد الفجر كفاه غسله إلى الليل في كل موضع يجب فيه الغسل من واغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر وقد اعتنى جماعة بدلالتها واهتم بعضهم بسندها حتى نقل في الحدائق عن بعض مشائخه المتأخرين ان الظاهر أن عثمان بن يزيد مصحف عمر بن يزيد بقرينة رواية عذافر عنه لكن الظاهر عدم دلالتها على المطلوب رأسا بل الظاهر منها ان كل موضع ثبت فيه الغسل لأجل المكان كدخول الحرم والمسجدين والمشاهد أو لأجل الفعل كالزيارة والطواف فاغتسل لأجل تلك الغاية في أول النهار كفاه ذلك إلى الليل ولم يحتج إلى اعادته لو تأخر فعل تلك الغاية عنه وكذا لو اغتسل في أول الليل كما ورد ذلك في غيرها من الروايات بل في بعضها ان غسل يومك يجزيك لليلتك والعجب من بعض مشائخنا قده حيث استدل بها أيضا في المقام ثم التداخل هنا في صورة نية الجميع رخصة أو عزيمة الأقوى هو الأول بناء على الاخبار كاشفة عن تعدد حقايق هذه الأغسال وتصادقها فيجوز امتثال أوامرها بمواد افتراقها كما يجوز بمادة تصادقها وهل يعتبر في نية الجميع العلم بها تفصيلا أو يكفي قصد كل غسل عليه في الواقع وان يعلم به أو اعتقد بعدمه وجهان أقويهما الأول (المسألة الثالثة) ان يجتمع أغسال بعضها واجب وبعضها مستحب فان نوى خصوص الواجب فإن كان جنابة فالمشهور كما عن جماعة سقوط المستحب به كما في المبسوط والخلاف والسرائر ومحكى الجامع وظاهر الوسيلة والبيان ومحكى المسالك وجماعة ممن تأخر عنهم بل عن غير واحد حكاية الاتفاق عليه وهو الظاهر من السرائر لمرسلة جميل وفحوى ما رواه في باب الصوم من الفقيه من كفاية غسل الجمعة لمن نسى غسل الجنابة المعتضدة بحصول المقصود من الغسل المندوب وفى التعويل على المرسلة سند أو دلالة في مقابل قولهم (ع) انما الأعمال بالنيات ولا عمل الا بنية المطابق أو المنجبر أو المؤيد بأصالة عدم السقوط حتى على القول بالتداخل لان المسلم منه ايجاد الفعل الواحد بقصد امتثال طلبين لا كفاية امتثال خصوص أحد الطلبين عن الأخر مع عدم قصد امتثاله ما لا يخفى واما الفحوى ففي أصلها مع اختصاصه بالناس منع كدعوى حصول المقصود ومن هنا اتجه استشكال المحقق في المعتبر بل منع العلامة والمحقق الثاني وغيرهما ومما ذكرنا يعلم حكم غير غسل الجنابة من الأغسال الواجبة بل يعلم حكم ما إذا نوى خصوص المستحب وانه لا يجزى عن الواجب لعدم الدليل عليه حتى المرسلة عدا بعض الاطلاقات المتقدم مع دعوى ظهورها أو انصرافها إلى الغسل الواقع بنية الجميع وما تقدم من رواية الفقيه المختصة بالناسي الغير المقاومة لمثلها نعم الظاهر صحة ذلك الغسل للاطلاقات خلافا للشيخ في المبسوط لان المقصود منه كما يستفاد من أدلته التنظيف وهو كمال لا يحصل الا للمتطهر وفى نهوض هذا الوجه لتقييد الاطلاقات خصوصا بملاحظة ما ورد في المستفيضة من استحباب غسل الاحرام للحايض الكاشف عن معقولية حصول التنظيف للمحدث منع واضح فلا مانع عن الاطلاقات وأما إذا نوى الواجب والمستحب كليهما فظاهر المشهور الأجزاء عن كليهما بل في الخلاف الاجماع على اجزاء غسل واحد للجنابة والجمعة ويدل عليه ما تقدم من رواية الحقوق وحيث دلت تلك الرواية على تعدد الحقوق والتكاليف وكفاية الواحد في امتثال الجميع كشفت عن كون حقايق تلك الأغسال قابلة للتصادق وحينئذ فيجتمع في الفرد الواحد عنوانان واجب ومستحب نظير مصاديق عنواني الواجب والمستحب في الموارد الشرعية والعرفية كما إذا أمر السيد باكرام زيد وجوبا واكرام عمر واستحبابا فأكرم رجلا كان اكرامه اكراما لهما بقصد امتثال الامرين ولا يعد مثل ذلك من اجتماع الحكمين المتضادين أعني الوجوب والاستحباب لان المجتمع هو جهتهما لا أنفسهما كما إذا اتى بفرد واحد يكون مصداقا لواجبين فان المثلين كالضدين لا يجتمعان ثم إن هذا يشكل بناء على اعتبار نية الوجه في الواجبات والمستحبات فان نية الامرين هنا غير ممكنة ولهذا استشكل نية الجميع في المقام بعضهم و أبطلها آخرون ففي محكى الجامع في هذا المقام وان نوى الواجب والمندوب قيل يجزى عنهما وقيل لا يجزى لان الفعل الواحد لا يكون واجبا وندبا انتهى جزم العلامة في كثير من كتبه بالبطلان وعلله في المختلف بأنه ان نوى الوجوب عن الجمعة والجنابة لا يجزى لأنه نوى الوجوب عما ليس بواجب وان نوى الندب لم يوقع غسل الجنابة على وجهه وان نواهما معا كان الفعل الواحد قد نوى فيه الوجوب والندب فلا يقع عليهما ولا على أحدهما لأنه ترجيح بلا مرجح انتهى وفى الذكرى انه مشكل لتضادي وجهي الوجوب والندوب عن قواعده انه لو نوى الجنابة والجمعة بطل لتنافى الفعلين وذكر في الروض ما في المختلف وعن كشف اللثام جواز تداخل الواجب والندب إن كان الواجب غسل الجنابة للنص والا فلا لتضاد الاحكام انتهى وقد تصدى جماعة من الأصحاب لدفع هذا الاشكال فدفعه في الذكرى بان نية الوجوب يستلزم نية الندب لاشتراكهما في الترجيح ولا يضر اعتقاد منع الترك لأنه مؤكد للغاية ومثله الصلاة على جنازتي بالغ وصبى بل مطلق الواجبة انتهى والمراد من التمثيل مطلق الواجبة من حيث اشتمالهما على الافعال المندوبة كما سيجئ من الروض وما ذكره هنا قد اختاره في الذكرى في مسألة الصلاة على الموتى حيث قال والأقرب جواز الجمع بين من يجب عليه ومن يستحب لاطلاق الاخبار في ذلك فحينئذ يمكن الاكتفاء بنية الوجوب لزيادة الندب تأكيدا ويمكن ان ينوى الوجهين معا بالتوزيع قاله في التذكرة لعدم التنافي لاختلاف الاعتبارين ويشكل بأنه فعل واحد عن مكلف واحد فكيف يقع على وجهين انتهى وأشار بما في التذكرة إلى قول العلامة فيها في الصلاة الواحدة على المتعدد من الأموات ما لفظه لو كانوا مختلفين في الحكم بان وجب على بعضهم واستحب على اخر لم يجز
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263