بن معتب، وكان معه مال عظيم، فقال: هل لكم أن أبني لكم طرفا عليكم يكون لكم ردءا من العرب؟ فقالوا: نعم. فبناه بماله وهو الحائط المطيف به.
الثاني: اقتضت حكمة الله تعالى - تأخير فتح الطائف في ذلك العام لئلا يستأصلوا أهله قتلا، لأنه تقدم في باب سفره إلى الطائف أنه - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إلى الطائف دعاهم إلى الله - تعالى - وأن يؤوه حتى يبلغ رسالة ربه تبارك وتعالى، وذلك بعد موت عمه أبي طالب فردوا عليه ردا عنيفا، وكذبوه ورموه بالحجارة حتى أدموا رجليه، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهموما فلم يستفق من همومه إلا عند قرن الثعالب (1) فإذا هو بغمامة وإذ فيها جبريل - صلى الله عليه وسلم - ومعه ملك الجبال - صلى الله عليه وسلم - فناداه ملك الجبال، فقال: يا محمد إن الله - تعالى - يقرئك السلام، وقد سمع قولة قومك وما ردوا عليك فان شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت "، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " بل أستأني بهم لعل الله عز وجل أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله - تعالى - وحده لا يشرك به شيئا " فناسب قوله: بل أستأني بهم أن لا يفتح حصنهم لئلا يقتلوا عن آخرهم، وإن يؤخر الفتح ليقدموا بعد ذلك مسلمين في رمضان من العام القابل كما سيأتي في الوفود.
الثالث: لما منع الله سبحانه وتعالى - الجيش غنائم مكة فلم يغنموا منها ذهبا ولا فضة ولا متاعا ولا سبيا ولا أرضا، وكانوا قد فتحوها بانجاب الخيل والركاب، وهم عشرة آلاف وفيهم حاجة إلى ما يحتاجه الجيش من أسباب القوة، حرك الله - سبحانه وتعالى - قلوب المشركين في هوازن لحربهم، وقذف في قلب كبيرهم مالك بن عوف إخراج أموالهم ونعمهم وشابهم وشيبهم معهم نزلا وكرامة وضيافة لحرب الله - تعالى - وجنده، وتمم تقديره تعالى بأن أطمعهم في الظفر، وألاح لهم مبادئ النصر ليقضي الله أمرا كان مفعولا. ولو لم يكن يقذف الله - تعالى - في قلب رئيسهم مالك بن عوف أن سوقهم معهم هو الصواب لكان الرأي ما أشار به دريد، فخالفه فكان ذلك سببا لتصييرهم غنيمة للمسلمين، فلما أنزل الله تعالى نصره على رسوله وأوليائه وردت الغنائم لأهلها وجرت فيها سهام الله - تعالى - ورسوله، قيل لا حاجة لنا في دمائكم ولا في نسائكم وذراريكم، فأوحى الله - تعالى - إلى قلوبهم التوبة فجاءوا مسلمين. فقيل من شكران إسلامكم وإتيانكم أن ترد عليكم نساؤكم وأبناؤكم وسبيكم و (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم) [الأنفال 70].
الرابع: اقتضت حكمة الله - تعالى - أن غنائم الكفار لما حصلت قسمت على من لم يتمكن الايمان من قلبه من الطبع البشرى من محبة المال، فقسمه فيهم لتطمئن قلوبهم،