وكان شيخا مجربا: إلا الإذخر يا رسول الله فإنه لا بد لنا منه - للقين وظهور البيوت، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم قال: " إلا الإذخر فإنه حلال، ولا وصية لوارث، وإن الولد للفراش وللعاهر الحجر، ولا يحل لامرأة أن تعطي من مال زوجها إلا بإذن زوجها، والمسلم أخو المسلم، والمسلمون إخوة، والمسلمون يد واحدة على من سواهم، تتكافأ دماؤهم، وهم يرد عليهم أقصاهم، ويعقل عليهم أدناهم، ومشدهم على مضعفهم ومثريهم على قاعدهم، ولا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده، ولا يتوارث أهل ملتين مختلفتين، ولا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقات المسلمين إلا في بيوتهم وبأفنيتهم، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها. البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، ولا تسافر امرأة مسيرة ثلاث إلا مع ذي محرم، ولا صلاة بعد العصر، وبعد الصبح، وأنهاكم عن صيام يومين يوم الأضحى ويوم الفطر، وعن لبستين ألا يحتبي أحدكم في ثوب واحد يفضي بعورته إلى السماء، وألا يشتمل الصماء، فقام رجل فقال: يا رسول الله إني قد عاهرت في الجاهلية، فقال: من عاهر بامرأة لا يملكها - أو أمة قوم آخرين لا يملكها - ثم ادعى ولده بعد ذلك فإنه لا يجوز له، ولا يرث ولا يورث ولا أخالكم إلا قد عرفتموها يا معشر المسلمين كفوا السلاح إلا خزاعة، عن بني بكر من ضحوة نهار الفتح إلى صلاة العصر منه - فخبطوهم ساعة - وهي الساعة التي أحلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تحل لاحد قبله، ثم قال لهم: " كفوا السلاح فقام أبو شاة فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال " اكتبوا لأبي شاة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم " (1).
قال الزهري - فيما رواه عبد الرزاق، والطبراني: ثم نزل - ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه المفتاح، فتنحى من المسجد، فجلس عند السقاية.
قال شيوخ محمد بن عمر: وكان - صلى الله عليه وسلم - قد قبض مفتاح السقاية من العباس، ومفتاح البيت من عثمان.
وروى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عبيدة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد خطبته عدل إلى جانب المسجد فاتي بدلو من ماء زمزم، فغسل منها وجهه ما يقع منه قطرة إلا في يد إنسان إن كانت قدر ما يحسوها حساها وإلا مسح جلده. والمشركون ينظرون فقالوا: ما رأينا ملكا قط أعظم من اليوم. ولا قوما أحمق من القوم.