روى الحارث بن أبي أسامة عن أبي أمامة، والبيهقي عن ثوبان - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في غزوة خيبر: " من كان مضعفا أو مصعبا فليرجع ". وأمر بلالا فنادى بذلك، فرجع ناس، وفي القوم رجل على صعب، فمر من الليل على سواد فنفر به فصرعه فلما جاؤوا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما شان صاحبكم؟ " فاخبروه، فقال: " يا بلال، ما كنت أذنت في الناس، من كان مضعفا أو مصعبا فليرجع "؟ قال: نعم. فأبى أن يصلى عليه. زاد البيهقي، وأمر بلالا فنادى في الناس " الجنة لا تحل لعاص " ثلاثا (1).
قال محمد بن عمر: وبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطريق في ليلة مقمرة إذ أبصر رجلا يسير أمامه عليه شئ يبرق في القمر كأنه في شمس وعليه بيضة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" من هذا "؟ فقيل: أبو عبس بن جبر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أدركوه قال: فأدركوني فحبسوني، فأخذني ما تقدم وما تأخر، فظننت أنه قد أنزل في أمر من السماء، فجعلت أتذكر ما فعلت حتى لحقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " ما لك تقدم الناس لا تسير معهم "؟ قلت: يا رسول الله: ان ناقتي نجيبة، قال: فأين الشقيقة التي كسوتك " قلت يا رسول الله: بعتها بثمانية دراهم، فتزودت بدرهمين وتركت لأهلي درهمين، وابتعت هذه البردة بأربعة دراهم،. فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: " أنت والله يا أبا عبس وأصحابك من الفقراء والذي نفسي بيده، لئن سلمتم وعشتم قليلا ليكثرن زادكم، وليكثرن ما تتركون لأهليكم ولتكثرن دراهمكم وعبيدكم وما ذلك لكم بخير ". قال أبو عبس: فكان والله كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال سويد بن النعمان - رضي الله عنه -: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما وصل إلى الصهباء - وهي أدنى خيبر - صلى العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤت الا بالسويق، فامر به فثري فاكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكلنا معه، ثم قال إلى المغرب فمضمض ومضمضنا ثم صلى ولم يتوضأ.
رواه البخاري، (2) والبيهقي. زاد محمد بن عمر: ثم صلى بالناس العشاء، ثم دعا بالادلاء فجاء حسيل بن خارجة وعبد الله بن نعيم الأشجعي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسيل: يا حسيل:
امض أمامنا حتى تأخذ بنا صدور الأدوية حتى تأتى خيبر من بينها وبين الشام، فأحول بينهم وبين الشام وبين حلفائهم من غطفان " فقال حسيل: أنا أسلك بك، فانتهى به إلى موضع له طرق، فقال: يا رسول الله ان لها طرقا تؤتى منها كلها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " سمها لي " وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الفال الحسن والاسم الحسن، ويكره الطيرة، والاسم القبيح، فقال: لها طريق يقال لها حزن، وطريق يقال لها: شاش، وطريق يقال لها حاطب، فقال