وبعث به إلى موسى بن نصير، وبعث به موسى مع ابنه، وجهز معه رجالا من أهل أفريقية، فقدم به على الوليد بن عبد الملك، ففرض له في الشرف، وأجاز كل من كان معه، ورده إلى أبيه موسى، وأن المسلمين قد أصابوا مما كان مع لذريق ما لا يدرى ما هو ولا ما قيمته.
قال: وكتب طارق إلى مولاه موسى (1): إن الأمم قد تداعت علينا من كل ناحية، فالغوث الغوث، فلما أتاه الكتاب نادى في الناس وعسكر، وذلك في صفر سنة ثلاث وتسعين، وكان أحب الخروج إليه يوم الخميس أول النهار، فاستخلف عبد الله بن موسى على أفريقية وطنجة والسوس، وكتب ساعة قدم عليه كتاب طارق إلى مروان، يأمره بالمسير، فسار مروان بمن معه، حتى أجاز إلى طارق، قبل دخول أبيه موسى، وخرج موسى بن نصير والناس معه حتى أتى المجاز، فأجاز بمن زحف معه في جموعه، وعلى مقدمته طارق مولاه، فوجد الجموع قد شردت إليه من كل مكان، فسار حتى افتتح قرطبة وما يليها، من حصونها وقلاعها ومدائنها، فغل الناس يومئذ غلولا لم يسمع بمثله (2)، ولم يسلم من الغلول يومئذ إلا أبو عبد الرحمن الجبلي (3). ثم إن موسى سار لا يرفع له شئ إلا هذه، يفتتح له المدائن يمينا وشمالا، حتى انتهى إلى مدينة الملوك، وهي طليطلة، فوجد فيها بيتا يقال له بيت الملوك، وجد فيه أربعة وعشرين تاجا، تاج كل ملك ولي الأندلس، كان كلما هلك ملك جعل تاجه في ذلك البيت، وكتب على التاج اسم صاحبه، وابن كم هو، ويوم مات، ويوم ولي، ووجد في ذلك البيت أيضا مائدة عليها اسم سليمان بن داود عليه السلام، ومائدة من جزع، فعمد موسى إلى التيجان والآنية والموائد، فقطع عليها الأغشية،