رأسا (1)، وشحن مراكبه، ثم رفع فسار حتى أتى جزيرة يقال لها سلسلة، وافتتحها، وأصاب فيها مغانم كثيرة، وأشياء عظيمة من الذهب والفضة والجواهر، ثم انصرف قافلا، فأصابته ريح عاصف، فغرق عطاء وأصحابه، وأصيب الناس، ووقعوا بسواحل أفريقية. فلما بلغ ذلك موسى، وجه يزيد بن مسروق في خيل إلى سواحل البحر، يفتش على ما يلقي البحر من سفن عطاء وأصحابه فأصاب تابوتا منحوتا قال: فمنه كان أصل غناء يزيد بن مسروق. قال:
ولقد لقيت شيخا متوكئا على قصبة، فذهبت لأفتشه فنازعني، فأخذت القصبة من يده فضربت بها عنقه فانكسرت، فتناثر منها اللؤلؤ والجوهر والدنانير، ثم إن موسى أمر بتلك المراكب ومن نجا من النواتية، فأدخلهم دار الصناعة بتونس، ثم لما كانت سنة خمس وثمانين أمر الناس بالتأهب لركوب البحر، وأعلمهم أنه راكب فيه بنفسه، فرغب الناس وتسارعوا، ثم شحن فلم يبق شريف ممن كان معه إلا وقد ركب حتى إذا ركبوا في الفلك، ولم يبق إلا أن يرفع هو، دعا برمح فعقده لعبد الله بن موسى بن نصير، وولاه عليهم وأمره، ثم أمره أن يرفع من ساعته، وإنما أراد موسى بما أشار من مسيره، أن يركب أهل الجلد والنكاية والشرف، فسميت غزوة الأشراف، ثم سار عبد الله بن موسى في مراكبه، وكانت تلك أول غزوة غزيت في بحر أفريقية (2). قال: فأصاب في غزوته تلك صقلية، فافتتح مدينة فيها، فأصاب ما لا يدري، فبلغ سهم الرجل مئة دينار ذهبا، وكان المسلمون ما بين الألف إلى التسع مئة، ثم انصرف قافلا سالما. فأتت موسى وفاة عبد العزيز بن مروان (3)، واستخلاف الوليد بن عبد الملك سنة ست وثمانين، فبعث إليه بالبيعة، وبفتح عبد الله بن موسى، وما أفاء الله على يده، ثم إن موسى بعث زرعة بن أبي مدرك إلى قبائل من البربر، فلم يلق حربا منهم ورغبوا في