وقد جاء الحسين الخبر (1)، فهم أن يرجع ومعه خمسة من بني عقيل فقالوا له:
أترجع وقد قتل أخونا، وقد جاءك من الكتب ما نثق به؟ فقال لبعض أصحابه:
والله ما لي عن هؤلاء من صبر، يعني بني عقيل. قال: فلقيه الجيش على خيولهم بوادي السباع، فلقوهم وليس معهم ماء. فقالوا: يا بن بنت رسول الله اسقنا. قال: فأخرج لكل فارس صحفة من ماء، فسقاهم بقدر ما يمسك برمقهم. ثم قالوا: سر يا بن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زالوا يرجونه، وأخذوا به على الجرف حتى نزلوا بكربلاء، فقال الحسين: أي أرض هذه؟ قالوا: كربلاء، قال: هذا كرب وبلاء. قال: فنزلوا وبينهم وبين الماء ربوة، فأراد الحسين وأصحابه الماء فحالوا بينهم وبينه. فقال له شهر بن حوشب:
لا تشربوا منه حتى تشربوا من الحميم، فقال عباس بن علي: يا أبا عبد الله، نحن على الحق فنقاتل؟ قال: نعم. فركب فرسه، وحمل بعض أصحابه على الخيول، ثم حمل عليهم فكشفهم عن الماء حتى شربوا وسقوا. ثم بعث عبيد الله بن زياد عمرو (2) بن سعيد يقاتلهم. قال الحسين: يا عمرو (2)، اختر مني ثلاث خصال، إما أن تتركني أرجع كما جئت، فإن أبيت هذه فأخرى، سيرني إلى الترك أقاتلهم حتى أموت، أو تسيرني إلى يزيد فأضع يدي في يده، فيحكم في بما يريد (3). فأرسل عمرو (2) إلى ابن زياد بذلك فهم أن يسيره إلى يزيد. فقال له شهر (4) بن حوشب: قد أمكنك الله من عدوك وتسيره إلى يزيد، والله لئن سار إلى يزيد لا رأى مكروها، وليكونن من يزيد بالمكان الذي لا تناله أنت منه، ولا غيرك من أهل الأرض، لا تسيره ولا تبلعه ريقه حتى ينزل على حكمك. قال:
فأرسل إليه يقول: لا، إلا أن تنزل على حكمي. فقال الحسين: أنزل على حكم ابن زانية؟ لا والله لا أفعل، الموت دون ذلك وأحلى. قال: وأبطأ عمرو بن سعيد (2) عن قتاله. فأرسل عبيد الله بن زياد إلى شهر بن حوشب (4) إن تقدم