والله ما أدري كيف الوجه في هذا، وهو بالتعزية أولى منه بالتهنئة. قال: صدقت، كيف كنت تعزيه؟ فقلت: والله ما أقف على ما تقول. قال: فلست بكاتب رسائل، فأيهم أنت؟ قلت: كاتب خراج. قال: فما تقول أصلحك الله، وقد ولاك السلطان عملا فبثثت عمالك فيه، فجاء قوم يتظلمون من بعض عمالك، فأردت أن تنظر في أمرهم، وتنصفهم إذا كنت تحب العدل، وتؤثر حسن الأحدوثة وطيب الذكر، وكان لأحدهم براح (1)، فأردت مساحته، كيف كنت تمسحه؟ قلت: أضرب العطوف في العمود، وأنظر إلى مقدار ذلك. قال: إذا تظلم الرجل. قلت: فأمسح العمود على حدته. قال: إذا تظلم السلطان. قلت: والله ما أدري (2). قال:
لست بكاتب خراج، فأيهم أنت؟ قلت: كاتب جند. قال: فما تقول في رجلين اسم كل واحد منهما أحمد، أحدهما مقطوع (3) الشفة العليا، والآخر مقطوع (3) الشفة السفلى، كيف كنت تنعتهما وتحليهما؟ فقلت: كنت أكتب أحمد الأعلم، وأحمد الأعلم. قال: فكيف يكون هذا ورزق هذا مئتا درهم، ورزق ذاك ألف درهم، فيقبض هذا عطاء ذاك، وذاك عطاء هذا، فتظلم صاحب الألف؟ قلت:
والله ما أدري. قال: فلست بكاتب جند، فأيهم أنت؟ قلت: كاتب قاض.
قال: فما تقول في رجل خلف سرية (4) وزوجة (5)، وكان للزوجة بنت، وللسرية ابن، فلما كان تلك الليلة التي مات فيها الرجل، أخذت الحرة ابن السرية فادعته، وجعلت ابنتها مكانه، فتنازعتا فيه، فقالت هذه [هذا] ابني، وقالت هذه [هذا] ابني، كيف كنت تحكم بينهما وأنت خليفة القاضي؟ قلت: والله ما أدري. قال: فلست بكاتب قاض، فأيهم أنت؟ فقلت: كاتب شرطة. قال: فما تقول في رجل وثب على رجل، فشجه شجة موضحة (6)، فوثب عليه المشجوج فشجه شجة مأمومة (7)، كيف كنت تقضي بينهما؟ فقلت: ما أعلم. قال: فلست بكاتب شرطة. فقلت: أصلحك الله: قد سألت ففسر لي ما ذكرت. فقال: