المسألة: فتبسم وقال، بلطف أهل العراق، أنا عبد الله بن محمد بن علي بن [عبد الله بن] عباس، فقلت: بأبي أنت وأمي، ما أشبهك بنسبك، وأدلك على سلفك (1): وقد سبق إلى قلبي من محبتك ما لا أبلغه بوصفي لك. قال: فأحمد الله يا أخا تميم، فإنا قوم يسعد بحبنا من يحبنا، ويشقى ببغضنا من يبغضنا، ولن يصل الإيمان إلى قلب أحدكم حتى يحب الله ورسوله، ومهما ضعفنا عن جزائه قوى الله على أدائه. فقلت له: أنت توصف بالعلم، وأنا من حملته، وأيام الموسم ضيقة، وشغل أهله كثير، وفي نفسي أشياء أحب أن أسأل عنها، أفتأذن فيها جعلت فداك؟ قال: نحن من أكثر الناس مستوحشون، وأرجو أن تكون للسر موضعا، وللأمانة واعيا، فإن كنت على ما رجوت، فهات على بركة الله. فقدمت إليه من وثائق [القول و] الأيمان ما سكن إليه، فتلا قول الله: (قل أي شئ أكبر شهادة؟ قل الله شهيد بيني وبينكم) ثم قال: سل. فقلت: ما ترى في من على الموسم؟ وكان عليه يوسف بن محمد الثقفي، خال الوليد بن يزيد، فتنفس الصعداء، ثم قال: عن الصلاة خلفه تسأل، أم استنكرت أن يتأمر على آل الرسول من ليس منهم؟ قلت: عن كلا الأمرين أسأل. قال: إن هذا عند الله عظيم، أما الصلاة، ففرض الله على عباده، فأد فرضه عليك في كل وقت (2)، فإن الذي ندبك لحج بيته ومجاهدة عدوه، وحضور جماعته وأعياده، لم يخبرك في كتابه أنه لا يقبل منك نسكا إلا مع أكمل المؤمنين إيمانا رحمة لك، ولو فعل ذلك بك ضاق الأمر عليك، فأسمح (3) يسمح لك. ثم كررت عليه السؤال، فما احتجت إلى أن أسأل عن أمر ديني أحدا بعده. ثم قلت له: يزعم أهل العلم بالكتاب أنها ستكون لكم دولة (4) لا شك فيها، تطلع مطلع الشمس، وتظهر بظهورها، فأسأل الله خيرها، ونعوذ به من شرها. قال: فخذ بحظ لسانك ويدك منها إن أدركتها. قلت: أو يتخلف عنها أحد من العرب وأنتم سادتها؟ قال:
نعم، قوم يأبون إلا الوفاء لمن اصطنعهم ونأبى إلا طلبا لحقنا، فننصر ويخذلون، كما نصر أولنا بأولهم، وخذل لمخالفتنا من خذل منهم، فاسترجعت.