وقال الهيثم: ذكر ابن عياش أن أبا جعفر قال لحاجبه عيسى بن روضة تقدم إلى كل من دخل أن لا يذكر أبا مسلم في شئ من كلامه. قال ابن عياش فاغتممت لذلك، فوقفت له خلف ستر، ومر راكبا مع هشام بن عمرو وعبد الله، فلما طلع عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطته وبيده الحربة ركبت. قال أبو الجراح مالك؟ فقلت: أسلم على أمير المؤمنين. قال: دونك فدنوت والنهر بيني وبينه. فقلت: يا أمير المؤمنين هنيئا لك وقفة أقعدت كل قائم. فقال بيده على فيه ولم يلتفت كالكاره لما سمع، وأقبل على صاحبيه. قال ابن عياش: وكان هذا في سنة خمس وأربعين ومئة، ثم انصرف أبو جعفر إلى الحيرة، ومعه عمه عبد الله بن علي في غير وثاق، وعليه الأحراس، وقد هيأ أبو جعفر بيتا، فحبسه فيه، فلما قدم به قيل: إنه سمه. قال الهيثم: بل كان أساس البيت الذي حبسه فيه من لبن، والحيرة كثيرة السواقي، ندية الأرض. فيقال: إنه أمر من الليل بجدول، فسرح حول البيت فتهدم عليه فمات (1). قال ابن عياش: أقبل رجل من همدان إلى أبي جعفر في وفد من العرب فدخلوا عليه، فلما خرجوا وفاتوا بصرة، قال للآذن: علي بالهمداني، فلما مثل بين يديه قال له: يا أخا همدان، أخبرني عن خليفة اسمه على عين قتل ثلاثة، أسماؤهم على عين. فقال الهمداني: نعم يا أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان قتل عمرو بن سعيد الأشدق، اسمه على عين، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن محمد الأشعث، وأنت يا أمير المؤمنين اسمك على عين، وقتلت عبد الرحمن بن مسلم أبا مسلم، أول اسمه على عين، وعبد الجبار (2) الخولاني، وسقط البيت على عمك عبد الله. فقال (3): وما يدخل سقوط البيت على عمي لا أم لك. ثم استعمل أبو جعفر على خراسان أسيد بن عبد الله الخزاعي، وأمره بتطلب عمال أبي مسلم ثم عفا عنهم، ثم عزل الخزاعي وولى أبا عون عبد الملك بن يزيد، ثم ولى بعد أبي عون حميد بن قحطبة، ثم ولى المسير بن زهير حتى مات أبو جعفر المنصور (4).
(١٨٧)