أصاب من أموال بني أمية، وكتب إلى صالح بن علي أن يلحق بمصر واليا عليها (1). فقدم السفاح فلسطين، وتقدم صالح إلى مصر، فأتاها بعد قتل مروان بيومين، وأن السفاح بعث إلى بني أمية، وأظهر للناس أن أمير المؤمنين وصاه بهم، وأمره بصلتهم، وإلحاقهم في ديوانه، ورد أموالهم عليهم، فقدم عليه من أكابر بني أمية وخيارهم، ثلاثة وثمانون رجلا، وكان فيهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وأبان بن معاوية بن هشام، وعبد الرحمن بن معاوية، وغيرهم من صناديد بني أمية. فأما عبد الرحمن بن معاوية، فلقيه رجل كان صنع به برا، وأسداه خيرا، وأولاه جميلا. فقال له: أطعني اليوم في كلمة، ثم اعصني إلى يوم القيامة. فقال له عبد الرحمن: وما أطيعك فيه اليوم؟ فقال له الرجل: أدرك موضع سلطانك، وقاعدتك المغرب، النجاء النجاء، فإن هذا غدر من السفاح، ويريد قتل من بقي من بني أمية. فقال له عبد الرحمن: ويحك إنه كتاب أبي العباس، قدم عليه، يأمره فيه بصلتنا، ورد أموالنا إلينا، وإلحاقنا بالعطاء الكامل، والرزق الوافر. فقال له الرجل: ويحك أتغفل؟ والله لا يستقر ملك بني العباس، ولا يستولون على سلطان، ومنكم عين تطرف. فقال له عبد الرحمن: ما أنا بالذي يطيعك في هذا. فقال الرجل: أفتأذن لي أن أنظر إلى ما تحت ظهرك مكشوفا؟ فقال له: وما تريد بهذا؟ فقال له: أنت والله صاحب الأمر بالأندلس، فاكشف لي، فكشف عبد الرحمن عن ظهره، فنظر الرجل فإذا العلامة التي كانت في ظهره قد وجدت في كتب الحدثان (2)، وكانت العلامة خالا أسود عظيما مرتفعا على الظهر هابطا، فلما نظر إليه الرجل قال له: النجاء النجاء، والهرب الهرب، فإنك والله صاحب الأمر، فاخرج فإنا معك، ومالي لك، ولي عشرون ألف دينار مصرورة، كنت أعددتها لهذا الوقت. فقال له عبد الرحمن: وعمن أخذت هذا العلم؟ فقال الرجل: من عمك مسلمة بن
(١٦٧)