يدخلون على أبي جعفر فيقولون: ما تنتظر به؟ فيقول: ما أريد إلا الوفاء له حتى إذا اجتمع أمرهم على قتله، بعث إلى الحسين (1) بن قحطبة فأتاه. فقال: لو سرت إلى هذا الرجل فأرحتنا منه. فقال: لا نريد ذلك (2)، ولكن ابعث إليه رجلا من قومه من مضر حتى يقتله، فتتفرق كلمتهم عند ذلك، فدعا خازم (3) بن خزيمة، والهيثم بن شعبة. قال لهم أبو جعفر: ائتوا إلى ابن هبيرة فجددوا على بيوت المال الختم، وعلى الخزائن، وبعث معهما من المضرية والقيسية أن يحضروا الآذن، وأريحونا من الرجل، ففعلوا، ثم دخلوا رحبة القصر في مئة رجل، فأرسلوا إلى ابن هبيرة: إنا نريد حمل ما بقي في الخزائن. فقال:
ادخلوا، فدخلوا الخزائن فطافوا بها ساعة، وجعلوا يخلفون عند كل باب عدة حتى دخلوا عليه. فقالوا: أرسل معنا من يدلنا على المواضع وبيوت الأموال.
فقال: يا عثمان أرسل معهم من يريدون، فطاف خازم وأصحابه في القصر ساعة، وابن هبيرة عليه قميص له مصري، وملاءة موردة، وهو مسند ظهره إلى حائط المسجد في رحبة القصر، ومعه ابنه داود، وحاجبه، وكاتبه عمر (4) بن أيوب، وعدة من مواليه وبنيه، وفي حجر ابن هبيرة ولد صغير. فلما توثقوا من كل شئ أقبلوا نحوه، فلما رآهم قد أقبلوا إليه قال: والله إن في وجوه القوم لشرا. فلما دنوا منه قام أبو عثمان فقال: ما وراءكم؟ فنضحه (5) الهيثم بالسيف، فأصاب حبل عاتقه، فصرعه، وقام ابنه داود فقاتل، فتفرقوا عليه فقتلوه ومواليه، ثم مضوا نحو ابن هبيرة فخر ساجدا، وقال: يحكم! نحوا عني هذا الصبي لا يرى مصرعي. قال: فضرب حتى مات ساجدا، ثم أخذوا رؤوسهم فأتوا بها أبا جعفر، ونادى المنادي بواسط: أمن الأمير خلق الله جميعا إلا الحكم بن بشر (6)،