تأخير القوم تلك الليلة يرجو أن يحضرها عبد الله بن أبي بن سلول. فلا خلاف في أنه قال ذلك ليشد العقد لرسول الله ويقوي أمره وأمرهم، سواء أراد ذلك من خلال حضور ابن سلول أم لا. هذا، ولكن قول ابن أبي بكر يدل على أن طلب رسول الله منهم البيعة على " بيعة الحرب " لم يكن طلبا قد تقدم به إلى القوم من ذي قبل بل كأنه فاجأهم أو فاجأ جمعهم بذلك.
وتتقارب مقالة العباس بن عبادة مع مقالة العباس بن عبد المطلب، وكلاهما يريد شد العقد لرسول الله ويتوثق له، فيقول أحدهم: وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه فمن الآن فدعوه. ويقول الآخر: فان كنت ترون أنكم إذا... أسلمتموه فمن الآن. وكل من المقالتين للرجلين في روايتين، ولا تجمعهما رواية واحدة. فهل كان كلاهما؟ أو أحدهما؟ وان كان أحدهما فهل هو العباس بن عبادة أو العباس بن عبد المطلب؟
وهل صحيح ما جاء فيما روي عن العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله) أنه في عز من قومه ومنعة في بلده؟! وأنه قد منعه عن قومه ممن هو على مثل رأيه؟! كما في النص. وهل صحيح أنه: أبى الا الانحياز إلى الخزرج واللحوق بهم؟! وهل كانت هجرته مجاهرا بها منذ بيعة العقبة الثانية؟! بل يقول ابن إسحاق: وأقام رسول الله بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج والهجرة من مكة إلى المدينة (1).
أم أن الصحيح هي رواية عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ قومه ورواية عبد الله بن أبي بكر، وأن المتكلم كان العباس بن عبادة، لا العباس بن عبد المطلب على رواية معبد بن كعب. ولا ننسى أن هذه