وهذا يناسب مع المعروف والمشهور في شأن نزول السورة: أن ابن أم مكتوم - وهو عبد الله بن شريح العامري - أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يناجي أبيا وأمية ابني خلف، وأبا جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وعتبة ابن أبي ربيعة، يدعوهم إلى الله ويرجو اسلامهم. فقال: يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله. فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله لقطعه كلامه، فأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم، فنزلت الآيات. وكان رسول الله بعد ذلك يكرمه ويقول: مرحبا بمن عاتبني فيه ربي.
ثم قال الطبرسي: فان قيل: فلو صح هذا الخبر فهل يكون العبوس ذنبا أم لا؟ فالجواب: أن العبوس والانبساط مع الأعمى سواء، إذ لا يشق عليه ذلك، فلا يكون ذنبا، فيجوز أن يكون عاتب الله سبحانه بذلك نبيه (صلى الله عليه وآله) ليأخذه بأوفر محاسن الأخلاق، وينبهه بذلك على عظم المؤمن المسترشد، ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم على ايمانه أولى من تأليف المشرك طمعا في ايمانه (1).
هذا والمعنى الأول الذي رواه عن الصادق (عليه السلام) جاء في أصل الكتاب: " التبيان " للشيخ الطوسي هكذا: وقال قوم: ان هذه الآيات نزلت في رجل من بني أمية كان واقفا مع النبي، فلما أقبل ابن أم مكتوم تنفر منه وجمع نفسه وعبس وجهه، فحكى الله تعالى ذلك وأنكره معاتبة على ذلك (2)