طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه.
وقال: ليس شئ يجزي مكان الطعام والشراب غير اللبن وشرب النبيذ الحلو (وهو الماء الذي قد نقع فيه تمرات يسيرة حتى يحلو)، وكان يلبس الصوف وينتعل بالمخصوف، ولا يتأنق في ملبس، ويحب من اللباس الحبرة (وهي برود من اليمن فيها حمرة وبياض).
وأحب الثياب إليه القميص، وكان يقول إذا لبس ثوبا استجده اللهم لك الحمد كما ألبستنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له. وتعجبه الثياب الخضر، وربما لبس الإزار الواحد. أو عليه غيره، يعقد طرفه بين كتفيه، ويلبس يوم الجمعة برده الأحمر ويعتم ويلبس خاتما من فضه نقشه (محمد رسول الله) في خنصره الأيمن، وربما لبسه في الأيسر.
ويحب الطيب ويكره الرائحة الكريهة، ويقول: إن الله جعل لذتي في النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة، وكان يتطيب بالفالية والمسك ويتطيب بالمسك وحده، ويتبخر بالبخور والكافور، ويكتحل بالأثمد، وربما اكتحل وهو صائم، ويكثر دهن رأسه ولحيته، ويدهن غبا (1) ويكتحل وترا، ويحب التيمن في ترجله وفي تنعله وفي طهوره وفي شانه كله. وينظر في المرآة، ولا تفارقه قارورة الدهن في سفره، والمرآة والمشط والمقراض والسواك والإبرة والخيط، ويستاك في ليله ثلاث مرات: قبل نومه وبعده، وعند القيام لورده، وعند القيام لصلاة الصبح، وكان يحتجم.
وكان يمزح ولا يقول إلا حقا، قد جمع الله له كمال الأخلاق ومحاسن الأفعال، وأتاه علم الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ، ولا معلم له من البشر، بل نشأ في بلاد الجهل والصحاري، وآتاه الله ما لم (2) يؤت أحدا من العالمين، واختاره على الأولين والآخرين، وعصمه من الناس. ورفع له ذكره، وضمن له إظهار دينه على الدين كله. وجعل شانئه الأبتر، وأعزه بالنصر على كل عدو، وأوجب طاعته على جميع الإنس والجان، وأكرمه برسالته، وأمنه .