سليمان قال فأتى الخبر عبيد الله بن زياد فسرح إلينا الحصين بن نمير مسرعا حتى نزل في اثنى عشر ألفا فخرجنا إليهم يوم الأربعاء لثمان بقين من جمادى الأولى فجعل سليمان بن صرد عبد الله بن سعد بن نفيل على ميمنته وعلى ميسرته المسيب بن نجبة ووقف هو في القلب وجاء حصين بن نمير وقد عبأ لنا جنده فجعل على ميمنته جبلة ابن عبد الله وعلى ميسرته ربيعة بن المخارق الغنوي ثم زحفوا إلينا فلما دنوا دعونا إلى الجماعة على عبد الملك بن مروان وإلى الدخول في طاعته ودعوناهم إلى أن يدفعوا إلينا عبيد الله بن زياد فنقتله ببعض من قتل من إخواننا وأن يخلعوا عبد الملك ابن مروان وإلى أن يخرج من ببلادنا من آل ابن الزبير ثم نرد هذا الامر إلى أهل بيت نبينا الذين آتانا الله من قبلهم بالنعمة والكرامة فأبى القوم وأبينا قال حميد ابن مسلم فحملت ميمنتنا على ميسرتهم وهزمتهم وحملت ميسرتنا على ميمنتهم وحمل سليمان في القلب على جماعتهم فهزمناهم حتى اضطررناهم إلى عسكرهم فما زال الظفر لنا عليهم حتى حجز الليل بيننا وبينهم ثم انصرفنا عنهم وقد أحجزناهم في عسكرهم فلما كان الغد صبحهم ابن ذي الكلاع في ثمانية آلاف أمدهم بهم عبيد الله بن زياد وبعث إليه يشتمه ويقع فيه ويقول إنما عملت عمل الأغمار تضيع عسكرك ومسالحك سر إلى الحصين بن نمير حتى توافيه وهو على الناس فجاءه فغدوا علينا وغاديناهم فقاتلناهم قتالا لم ير الشيب والمرد مثله قط يومنا كله لا يحجز بيننا وبين القتال إلا الصلاة حتى أمسينا فتحاجزنا وقد والله أكثروا فينا الجراح وأفشيناها فيهم قال وكان فينا قصاص ثلاثة رفاعة بن شداد البجلي وصحير بن حذيفة بن هلال ابن مالك المري وأبو الجويرية العبدي فكان رفاعة يقص ويحضض الناس في الميمنة لا يبرحها وجرح أبو الجريرية اليوم الثاني في أول النهار فلزم الرحال وكان صحير ليلته كلها يدور فينا ويقول أبشروا عباد الله بكرامة الله ورضوانه فحق والله لمن ليس بينه وبين لقاء الأحبة ودخول الجنة والراحة من إبرام الدنيا وأذاها إلا فراق هذه النفس الامارة بالسوء أن يكون بفراقها سخيا وبلقاء ربه مسرورا فمكثنا كذلك حتى أصبحنا وأصبح ابن نمير وأدهم بن محرز الباهلي في نحو من
(٤٦٤)