أنت التواب الرحيم وارحم حسينا وأصحابه الشهداء الصديقين وإنا نشهدك يا رب أنا على مثل ما قتلوا عليه فإن لم تغفره لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قال فأقاموا عنده يوما وليلة يصلون عليه ويبكون ويتضرعون فما انفك الناس من يومهم دلك يترحمون عليه وعلى أصحابه حتى صلوا الغداة من الغد عند قبره وزادهم ذلك حنقا ثم ركبوا فأمر سليمان الناس بالمسير فجعل الرجل لا يمضى حتى يأتي قبر الحسين فيقوم عليه فيترحم عليه ويستغفر له قال فوالله لرأيتهم ازدحموا على قبره أكثر من ازدحام الناس على الحجر الأسود قال ووقف سليمان عند قبره فكلما دعا له قوم وترحموا عليه قال لهم المسيب بن نجبة وسليمان بن صرد الحقوا بإخوانكم رحمكم الله فما زال كذلك حتى بقى نحو من ثلاثين من أصحابه فأحاط سليمان بالقبر هو وأصحابه فقال سليمان الحمد لله الذي لو شاء أكرمنا بالشهادة مع الحسين اللهم إذ حرمتناها معه فلا تحرمناها فيه بعده وقال عبد الله بن وال أما والله إني لأظن حسينا وأباه وأخاه أفضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسيلة عند الله يوم القيامة أفما عجبتم لما ابتليت به هذه الأمة منهم أنهم قتلوا اثنين وأشفوا بالثالث على القتل قال يقول المسيب بن نجبة فأنا من قتلتهم ومن كان على رأيهم برئ إياهم أعادي وأقاتل قال فأحسن الرؤوس كلهم المنطق وكان المثنى بن نجزية صاحب أحد الرؤوس والاشراف فساءني حيث لم أسمعه تكلم مع القوم بنحو ما تكلموا به قال فوالله ما لبثت أن تكلم بكلمات ما كن بدون كلام أحد من القوم فقال إن الله جعل هؤلاء الذين ذكرتم بمكانهم من نبيهم صلى الله عليه وسلم أفضل ممن هو دون نبيهم وقد قتلهم قوم نحن لهم أعداء ومنهم برآء وقد خرجنا من الديار والاهلين والأموال إرادة استئصال من قتلهم فوالله لو أن القتال فيهم بمغرب الشمس أو بمنقطع التراب يحق علينا طلبه حتى نناله فإن ذلك هو الغنم وهى الشهادة التي ثوابها الجنة فقلنا له صدقت وأصبت ووفقت قال ثم إن سليمان بن صرد سار من موضع قبر الحسين وسرنا معه فأخذنا على الحصاصة ثم على الأنبار ثم على الصدود ثم على القيارة (قال أبو مخنف) عن الحارث بن حصيرة وغيره أن سليمان بعث على
(٤٥٧)