كل واحد منهما إلى عسكره بأصحابه وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه أن حسينا قال لعمر بن سعد اخرج معي إلى يزيد بن معاوية وندع العسكرين قال عمر إذن تهدم داري قال أنا أبنيها لك قال إذن تؤخذ ضياعي قال إذن أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز قال فتكره ذلك عمر قال فتحدث الناس بذلك وشاع فيهم من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه (قال أبو مخنف) وأما ما حدثنا به المجالد بن سعيد والصقعب ابن زهير الأزدي وغيرهما من المحدثين فهو ما عليه جماعة المحدثين قالوا إنه قال اختاروا منى خصالا ثلاثا إما أن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه وإما أن أضع يدي في يد يزيد ابن معاوية فيرى فيما بيني وبينه رأيه وإما أن تسيروني إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فأكون رجلا من أهله لي ما لهم وعلى ما عليهم (قال أبو مخنف) فأما عبد الرحمن ابن جندب فحدثني عن عقبة ابن سمعان قال صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى العراق ولم أفارقه حتى قتل وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلا وقد سمعتها ألا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا أن يسيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال دعوني فلا ذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس (قال أبو مخنف) حدثني المجالد بن سعيد الهمداني والصقعب بن زهير أنهما كانا التقيا مرارا ثلاثا أو أربعا حسين وعمر بن سعد قال فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد أما بعد فان الله قد أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمة هذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى أو أن نسيره إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم أو أن يأتي يزيد أمير المؤمنين فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه وفى هذا لكم رضى وللأمة صلاح قال فلما قرأ عبيد الله الكتاب قال هذا كتاب رجل ناصح لأميره مشفق على قومه نعم قد قبلت قال فقام إليه شمر بن ذي الجوشن فقال أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك إلى جنبك والله لئن رحل من بلدك ولم يضع يده في يدك ليكونن أولى بالقوة والعز
(٣١٣)