لحوم الإبل وشرابهم ألبانها وهذا الشتاء فلا تقاتلوهم إلا في كل يوم بارد فإنه لا يبقى إلى الصيف منهم أحد هذا جل طعامه وشرابه وارتحل من عسكره ذلك فأتى الرهاء وأخذ عامله بحمص وأقبل أبو عبيدة حتى نزل على حمص وأقبل خالد بعده حتى ينزل عليها فكانوا يغادون المسلمين ويراوحونهم في كل يوم بارد ولقى المسلمون بها بردا شديدا والروم حصارا طويلا فأما المسلمون فصبروا ورابطوا وأفرغ الله عليهم الصبر وأعقبهم النصر حتى اضطرب الشتاء وإنما تمسك القوم بالمدينة رجاء أن يهلكهم الشتاء * وعن أبي الزهراء القشيري عن رجل من قومه قال كان أهل حمص يتواصون فيما بينهم ويقولون تمسكوا فإنهم حفاة فإذا أصابهم البرد تقطعت أقدامهم مع ما يأكلون ويشربون فكانت الروم تراجع وقد سقطت أقدام بعضهم في خفافهم وإن المسلمين في النعال ما أصيب أصبع أحد منهم حتى إذا انخنس الشتاء قام فيهم شيخ لهم يدعوهم إلى مصالحة المسلمين قالوا كيف والملك في سلطانه وعزه ليس بيننا وبينهم شئ فتركهم وقام فيهم آخر فقال ذهب الشتاء وانقطع الرجاء فما تنتظرون فقالوا البرسام فإنما يسكن في الشتاء ويظهر في الصيف فقال إن هؤلاء قوم يعانون ولان تأتوهم بعهد وميثاق خير من أن تؤخذوا عنوة أجيبوني محمودين قبل أن تجيبوني مذمومين فقالوا شيخ خرف ولا علم له بالحرب وعن أشياخ من غسان وبلقين قالوا أثاب الله المسلمين على صبرهم أيام حمص أن زلزل بأهل حمص وذلك أن المسلمين ناهدوهم فكبروا تكبيرة زلزلت معها الروم في المدينة وتصدعت الحيطان ففزعوا إلى رؤسائهم والى ذوي رأيهم ممن كان يدعوهم إلى المسالمة فلم يجيبوهم وأذلوهم بذلك ثم كبروا الثانية فتهافتت منها دور كثيرة وحيطان وفزعوا إلى رؤسائهم وذوي رأيهم فقالوا ألا ترون إلى عذاب الله فأجابوهم لا يطلب الصلح غيركم فأشرفوا فنادوا الصلح الصلح ولا يشعر المسلمون بما حدث فيهم فأجابوهم وقبلوا منهم على انصاف دورهم وعلى أن يترك المسلمون أموال الروم وبنيانهم لا ينزلونه عليهم فتركوه لهم فصالح بعضهم على صلح دمشق على دينار وطعام على كل جريب أبدا أيسروا أو أعسروا وصالح بعضهم على قدر طاقته إن
(٩٧)