وإن أصيب جرير بن عبد الله فعليكم قيس بن مكشوح فوجد المغيرة بن شعبة في نفسه إذ لم يستخلفه فأتاه فقال له ما تريد أن تصنع فقال إذا أظهرت قاتلتهم لاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب ذلك فقال المغيرة لو كنت بمنزلتك باكرتهم القتال قال له النعمان ربما باكرت القتال ثم لم يسود الله وجهك وذلك يوم الجمعة فقال النعمان نصلي إن شاء الله ثم نلقى عدونا دبر الصلاة فلما تصافوا قال النعمان للناس إني مكبر ثلاثا فإذا كبرت الأولى فشد رجل شسعه وأصلح من شأنه فإذا كبرت الثانية فشد رجل إزاره وتهيأ لوجه حملته فإذا كبرت الثالثة فاحملوا عليهم فإني حامل وخرجت الأعاجم قد شدوا أنفسهم بالسلاسل لئلا يفروا وحمل عليهم المسلمون فقاتلوهم فرمى النعمان بنشابة فقتل رحمه الله فلفه أخوه سويد بن مقرن في ثوبه وكتم قتله حتى فتح الله عليهم ثم دفع الراية إلى حذيفة بن اليمان وقتل الله ذا الحاجب وافتتحت نهاوند فلم يكن للأعاجم بعد ذلك جماعة (قال أبو جعفر) وقد كان فيما ذكر لي بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه السائب بن الأقرع مولى ثقيف وكان رجلا كاتبا حاسبا فقال الحق بهذا الجيش فكن فيهم فإن فتح الله عليهم فاقسم على المسلمين فيأهم وخذ خمس الله وخمس رسوله وان هذا الجيش أصيب فاذهب في سواد الأرض فبطن الأرض خير من ظهرها * قال السائب فلما فتح الله على المسلمين نهاوند أصابوا غنائم عظاما فوالله إني لاقسم بين الناس إذ جاءني علج من أهلها فقال أتؤمنني على نفسي وأهلي وأهل بيتي على أن أدلك على كنوز النخيرجان وهي كنوز آل كسرى تكون لك ولصاحبك لا يشركك فيها أحدا قال قلت نعم قال فابعث معي من أدله عليها فبعثت معه فأتى بسفطين عظيمين ليس فيهما إلا اللؤلؤ والزبرجد والياقوت فلما فرغت من قسمي بين الناس احتملتهما معي ثم قدمت على عمر بن الخطاب فقال ما وراءك يا سائب فقلت خيرا يا أمير المؤمنين فتح الله عليك بأعظم الفتح واستشهد النعمان بن مقرن رحمه الله فقال عمر إنا لله وإنا إليه راجعون قال ثم بكى فنشج حتى إني لأنظر إلى فروع منكبيه من فوق كتده قال فلما رأيت ما لقى قلت والله يا أمير المؤمنين ما أصيب بعده من رجل يعرف وجهه فقال
(٢٠٤)