هذه السنة تزداد كثرة ووفورا وبلادنا عمارة ورعيتنا أمنا وطمأنينة وثغورنا وأطرافنا مناعة وحصانة وقد بلغنا أنك همت لرذولة مروءتك أن تبذر هذه الأموال وتنويها عن رأى الأشرار العتاة المستوجبين للقتل ونحن نعلمك أن هذه الكنوز والأموال لم تجمع إلا بعد المخاطرة بالنفوس وبعد كد وعناء شديد لندفع بها العدو المكتنفين لبلاد هذه المملكة المتقلبين إلى غلبتهم على ما في أيديهم وإنما يقدر على كف أولئك العدو في الأزمان والدهور كلها بعد عون الله بالأموال والجنود ولن تقوى الجنود إلا بالأموال ولا ينتفع بالأموال إلا على كثرتها ووفورها فلا تهمن بتفرقة هذه الأموال ولا تجسرن عليها فإنها كهف لملكك وبلادك وقوة لك على عدوك ثم انصرف اسفاذ جشنس إلى شيرويه فقص عليه ما قال له كسرى ولم يسقط منه حرفا وإن عظماء الفرس عادوا فقالوا لشيروية إنه لا يستقيم أن يكون لنا ملكا فإما أن تأمر بقتل كسرى ونحن خولك المانحوك الطاعة وإما أن نخلعك ونعطيه الطاعة فهدت شيرويه هذه المقالة وكسرته وأمر بقتل كسرى فانتدب لقتله رجال كان وترهم كسرى فكلما أتاه الرجل منهم شتمه كسرى وزبره فلم يقدم على قتله أحد حتى أتاه شاب يقال له مهر هرمز بن مردانشاه ليقتله وكان مردانشاه فاذو سبانا لكسرى على ناحية نيمروذ وكان من أطوع الناس لكسرى وأنصحهم له وإن كسرى سأل قبل أن يخلع بنحو من سنتين منجمية وعافته عن عاقبة أمره وأخبروه أن منيته آتية من قبل نيمروذ فاتهم مردانشاه وتخوف ناحيته لعظم قدره وأنه لم يكن في تلك الناحية من يعد له في القوة والقدرة فكتب إليه أن يعجل القدوم عليه حتى إذا قدم عليه أجال الرأي في طلب علة يقتله بها فلم يجد عليه عثرة وتذمم من قتله لما علم من طاعته إياه ونصيحته له وتحريه مرضاته فرأى أن يستبقيه ويأمر بقطع يمينه ويعوضه منها أموالا عظيمة يجود له بها فبغى عليه من العلل ما قطع يمينه وإنما كانت تقطع الأيدي والأرجل وتقطع الأعناق في رحبة الملك وإن كسرى أرسل يوم أمر بقطع يده عينا ليأتيه بخبر ما يسمع من مردانشاه وممن بحضرته من النظارة وإن مردانشاه لما قطعت
(٦٢٦)