الملك قباذ بن فيروز في آخر ملكه بمسح الأرض سهلها وجبلها ليصبح الخراج عليها فمسحت غير أن قباذ هلك قبل أن يستحكم له أمر تلك المساحة حتى إذا ملك ابنه كسرى أمر باستتمامها وإحصاء النخل والزيتون والجماجم ثم أمر كتابه فاستخرجوا جمل ذلك وأذن للناس إذنا عاما وأمر كاتب خراجه أن يقرأ عليهم الجمل التي استخرجت من أصناف غلات الأرض وعدد النخل والزيتون والجماجم فقرأ ذلك عليهم ثم قال لهم كسرى إنا قد رأينا أن نضع على ما أحصى من جربان هذه المساحة من النخل والزيتون والجماجم وضائع ونامر بانجامها في السنة في ثلاثة أنجم وتجمع في بيوت أموالنا من الأموال ما لو أتانا عن ثغر من ثغورنا أو طرف من أطرافنا فتق أو شئ نكرهه واحتجنا إلى تداركه أو حسمه ببذلنا فيه ما لو كانت الأموال عندنا معدة موجودة ولم نرد استئناف اجتبائها على تلك الحال فما ترون فيما رأينا من ذلك وأجمعنا عليه فلم يشر عليه أحد منهم فيه بمشورة ولم ينبس بكلمة فكرر كسرى هذا القول عليهم ثلاث مرات فقام رجل من عرضهم وقال لكسرى أتضع أيها الملك عمرك الله الخالد من هذا الخراج على الفاني من كريم بموت وزرع يهيج ونهر يغور وعين أو قناة ينقطع ماؤها فقال له كسرى يا ذا الكلفة المشئوم من أي طبقات الناس أنت قال أنا رجل من الكتاب فقال كسرى اضربوه بالدوى حتى يموت فضربه بها الكتاب خاصة تبرءا منهم إلى كسرى من رأيه وما جاء منه حتى قتلوه وقال الناس نحن راضون أيها الملك بما أنت ملزمنا من خراج وأن كسرى اختار رجالا من أهل الرأي والنصيحة فأمرهم بالنظر في أصناف ما ارتفع إليه من المساحة وعدة النخل والزيتون ورؤوس أهل الجزية ووضع الوضائع على ذلك بقدر ما يرون أن فيه صلاح رعيته ورفاغة معاشهم ورفعه إليه فتكلم كل امرئ منهم بمبلغ رأيه في ذلك من تلك الوضائع وأداروا الامر بينهم فاجتمعت كلمتهم على وضع الخراج على ما يعصم الناس والبهائم وهو الحنطة والشعير والأرز والكرم والرطاب والنخل والزيتون وكان الذي وضعوا على كل جريب أرض من مزارع الحنطة والشعير درهما وعلى
(٥٦٧)