فأعطاه ذلك فأمر بابك فبنيت له في الموضع الذي كان يعرض فيه الجند مصطبة وفرش له عليها بساط سوسنجرد ونمط صوف فوقه ووضعت له وسائد لتكأته ثم جلس على ما فرش له ثم نادى منادى في شاهد عسكر كسرى من الجند أن يحضره الفرسان على كراعهم وأسحلتهم والرجالة على ما يلزمهم من السلاح فاجتمع إليه الجند على ما أمرهم أن يحضروه عليه ولم يعاين كسرى فيهم فأمرهم بالانصراف ونادى مناديه في اليوم الثاني بمثل ذلك فاجتمع إليه الجند فلما لم ير كسرى فيهم أمرهم أن ينصرفوا ويغدوا إليه وأمر مناديه أن ينادى في اليوم الثالث أن لا يتخلف عنه من شاهد العسكر أحد ولا من أكرم بتاج وسرير فإنه عزم لا رخصة فيه ولا محاباة فبلغ ذلك كسرى فوضع تاجه على رأسه وتسلح بسلاح المقاتلة ثم أتى بابك ليعترض عليه وكان الذي يؤخذ به الفارس من الجند تجافيف ودرعا وجوشنا وساقين وسيفا ورمحا وترسا وجرزا تلزمه منطقة وطبرزينا أو عمودا وجعبة فيها قوسان بوتريهما وثلاثين نشابة ووترين مضفورين يعلقهما الفارس في مغفر له ظهريا فاعترض كسرى على بابك بسلاح تام ما حلا الوترين اللذين كان يستظهر بهما فلم يجز بابك عن اسمه وقال له إنك أيها الملك واقف في موضع المعدلة التي لا محاباة تكون منى معها ولا هوادة فهلم كل ما يلزمك من صنوف الأسلحة فذكر كسرى قصة الوترين فتعلقهما ثم غرد داعى بابك بصوته وقال للكمي سيد الكماة أربعة آلاف درهم وأجاز بابك عن اسمه ثم انصرف وكان يفضل الملك في العطاء على أكثر المقاتلة عطاء بدرهم فلما قام بابك من مجلسه ذلك أتى كسرى فقال إن غلظتي في الامر الذي أغلظت فيه عليك اليوم أيها الملك إنما هي لان ينفذ لي عليه الامر الذي وضعتني بسبيله وسبب من أوثق الأسباب لما يريد الملك أحكامه لمكاني فقال كسرى ما غلظ علينا أمر أريد به صلاح رعيتنا وأقيم عليه أودذى الأود منهم ثم إن كسرى وجه مع رجل من أهل اليمن يقال له سيفان بن معديكرب ومن الناس من يقول إنه كان يسمى سيف بن ذي يزن جيشا إلى اليمن فقتلوا من بها من السودان واستولوا عليها فلما دانت لكسرى بلاد اليمن وجه إلى سرنديب
(٥٦٩)