الروم وتجنب كسرى لابطائه عن نصر أبيه فلم يجد عند ملك الروم ما يحب ووجده يحامي عن الحبشة لموافقتهم إياه على الدين فانكفأ راجعا إلى كسرى فاعترضه يوما وقد ركب فصاح به أيها الملك إن لي عندك ميراثا فدعا به كسرى لما نزل وقال من أنت وما ميراثك قال أنا ابن الشيخ اليماني ذي يزن الذي وعدته أن تنصره فمات ببابك وحضرتك فتلك العدة حق لي وميراث يجب عليك الخروج لي منه فرق له كسرى وأمر له بمال فخرج الغلام فجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس فأرسل إليه كسرى ما الذي حملك على ما صنعت قال إني لم آتك للمال إنما جئتك للرجال ولتمنعني من الذل فأعجب ذلك كسرى فبعث إليه أن أقم حتى أنظر في أمرك ثم إن كسرى استشار وزراءه في توجيه الجند معه فقال له الموبذان إن لهذا الغلام حقا بنزوعه وموت أبيه بباب الملك وحضرته وما تقدم من عدته إياه وفى سجون الملك رجال ذو نجدة وبأس فلو أن الملك وجههم معه فإن أصابوا ظفرا كان له وإن هلكوا كان قد استراح وأراح أهل مملكته منهم ولم يكن ذلك ببعيد من الصواب قال كسرى هذا الرأي وأمر بمن كان في السجون من هذا الضرب فاحصوا فبلغوا ثمانمائة نفر فقود عليهم قائدا من أساورته يقال له وهرزكان كسرى يعدله بألف أسوار وقواهم وجهزهم وأمر بحملهم في ثماني سفائن في كل سفينة مائة رجل فركبوا البحر فغرفت من الثماني السفن سفينتان وسلمت ست فخرجوا بساحل حضر موت وسار إليهم مسروق في مائة ألف من الحبشة وحمير والاعراب ولحق بابن ذي يزن بشر كثير ونزل وهرز على سيف البحر وجعل البحر وراء ظهره فلما نظر مسروق إلى قلتهم طمع فيهم فأرسل إلى وهرز ما جاء بك وليس معك إلا من أرى ومعي من ترى لقد غررت بنفسك وأصحابك فإن أحببت أذنت لك فرجعت إلى بلادك ولم أهجك ولم ينلك ولا أحدا من أصحابك منى ولا من أحد من أصحابي مكروه وان أحببت ناجزتك الساعة وان أحببت أجلتك حتى تنظر في أمرك وتشاور أصحابك فاعظم وهرز أمرهم ورأى أنه لا طاقة له بهم فأرسل إلى مسروق بل تضرب بيني وبينك أجلا وتعطيني موثقا وعهدا وتأخذ مثله منى أن لا يقاتل
(٥٦٢)