عمرو ذي الأذعار أخو حسان وزرعة كان صبيان صغيرا حين أصيب أخوه فشب غلاما جميلا وسيما ذا هيئة وعقل فبعث إليه لخنيعة ينوف ذو شناتر ليفعل به كما كان يفعل بأبناء الملوك قبله فلما أتاه رسوله عرف الذي يريد به فأخذ سكينا حديدا لطيفا فجعله بين نعله وقدمه ثم انطلق إليه مع رسوله فلما خلا به في مشربته تلك أغلقها عليه وعليه ثم وثب عليه وواثبه ذو نواس بالسكين فطعنه به حتى قتله ثم احتز رأسه فجعله في كوة مشربته تلك التي يطلع منها إلى حرسه وجنده ثم أخذ سواكه ذلك فجعله في فيه ثم خرج على الناس فقالوا له ذو نواس أرطب أم يباس فقال سل نخماس استرطبان ذو نواس استرطبان ذو نواس لا باس فذهبوا ينظرون حين قال لهم ما قال فإذا رأس لخنيعة ينوف ذي شناتر في الكوة مقطوع في فيه سواكه قد وضعه ذو نواس فيها فخرجت حمير والاحراس في أثر ذي نواس حتى أدركوه فقالوا له ما ينبغي لنا أن يملكنا إلا أنت إذ أرحتنا من هذا الخبيث فملكوه واستجمعت عليه حمير وقبائل اليمن فكان آخر ملوك حمير وتهود وتهودت معه حمير وتسمى يوسف فأقام في ملكه زمانا وبنجران بقايا من أهل دين عيسى على الإنجيل أهل فضل واستقامة لهم من أهل دينهم رأس يقال له عبد الله بن الثامر وكان موقع أصل ذلك الدين بنجران وهى بأوسط أرض العرب في ذلك الزمان وأهلها وسائر العرب كلها أهل أوثان يعبدونها ثم إن رجلا من بقايا أهل ذلك الدين وقع بين أظهرهم يقال له فيميون فحملهم عليه فدانوا به قال هشام زرعة ذو نواس فلما تهود سمى يوسف وهو الذي خد الأخدود بنجران وقتل النصارى * حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد ابن إسحاق عن المغيرة بن أبي لبيد مولى الأخنس عن وهب بن منبه اليماني انه حدثهم أن موقع ذلك الدين بنجران كان أن رجلا من بقايا أهل دين عيسى ابن مريم يقال له فيميون وكان رجلا صالحا مجتهدا زاهدا في الدنيا مجاب الدعوة وكان سائحا ينزل القرى لا يعرف بقرية إلا خرج منها إلى قرية لا يعرف فيها وكان لا يأكل إلا من كسب يده وكان بناء يعمل الطين وكان يعظم الا حدا إذا كان الاحد لم يعمل فيه شيئا وخرج إلى فلاة من الأرض
(٥٤١)