كسرت أو قرية خربت أن يرد ذلك إلى أحسن ما كان عليه من الصلاح وتفقد الأساورة فمن لم يكن له منهم يسار قواه بالدواب والعدة وأجرى لهم ما يقويهم ووكل ببيوت النيران وسهل سبل الناس وبنى في الطرق القصور والحصون وتخير الحكام والعمال والولاة وتقدم إلى من ولى منهم أبلغ التقدم وعمد إلى سير اردشير وكتبه وقضاياه فاقتدى بها وحمل الناس عليها فلما استوثق له الملك ودانت له البلاد سار نحو أنطاكية بعد سنين من ملكه وكان فيها عظماء جنود قيصر فافتتحها ثم أمر ان تصور له مدينة أنطاكية على ذرعها وعدد منازلها وطرقها وجميع ما فيها وأن يبتنى له على صورتها مدينة إلى جنب المدائن فبنيت المدينة المعرفة بالرومية على صورة أنطاكية ثم حمل أهل أنطاكية حتى أسكنهم إياها فلما دخلوا باب المدينة مضى أهل كل بيت منهم إلى ما يشبه منازلهم التي كانوا فيها بأنطاكية كأنهم لم يخرجوا عنها ثم قصد لمدينة هرقل فافتتحها ثم الإسكندرية وما دونها وخلف طائفة من جنوده بأرض الروم بعد أن أذعن له قيصر وحمل إليه الفدية ثم انصرف من الروم فأخذ نحو الخزر فأدرك فيهم تبله وما كانوا وتروه به في رعيته ثم انصرف نحو عدن فسكر ناحية من البحر هناك بين جبلين مما يلي أرض الحبشة بالسفن العظام والصخور وعمد الحديد والسلاسل وقتل عظماء تلك البلاد ثم انصرف إلى المدائن وقد استقام له ما دون هرقلة من بلاد الروم وأرمينية وما بينه وبين البحرين من ناحية عدن وملك المنذر بن النعمان على العرب وأكرمه ثم أقام في ملكه بالمدائن وتعاهد ما كان يحتاج إلى تعاهده ثم سار بعد ذلك إلى الهياطلة مطالبا بوتر فيروز جده وقد كان انو شروان صاهر خاقان قبل ذلك فكتب إليه قبل شخوصه يعلمه ما عزم عليه ويأمره بالمسير إلى الهياطلة فأتاهم فقتل ملكهم واستأصل أهل بيته وتجاوز بلخ وما وراءها وأنزل جنوده فرغانة ثم انصرف من خراسان فلما صار بالمدائن وافاه قوم يستنصرونه على الحبشة فبعث معهم قائدا من قواده في جند من أهل الديلم وما يليها فقتلوا مسروقا الحبشي باليمن وأقاموا بها ولم يزل مظفرا منصورا تهابه جميع الأمم ويحضر بابه من وفودهم
(٥٢٨)