ولم يجبه إلى شئ مما سأله لتحصينه كان ناحية باب صول ومناعة السبل والفجاج التي كان سنجبوا خاقان سالكها إياه ولمعرفته كانت بمقدرته على ضبط ثغر أرمينية بخمسة آلاف مقاتل من الفرسان والرجالة فبلغ سنجبوا خاقان تحصين كسرى ثغر صول فانصرف بمن كان معه إلى بلاده خائبا ولم يقدر من كان بإزاء جرجان من العدو للحصون التي كان أمر كسرى فبنيت حواليها أن يشنوها بغارة ويغلبوا عليها وكان كسرى أنوشروان قد عرف الناس منه فضلا في رأيه وعلمه وعقله وبأسه وحزمه مع رأفته ورحمته بهم فلما عقد التاج على رأسه دخل إليه العظماء والاشراف فاجتهدوا في الدعاء له فلما قضوا مقالتهم قام خطيبا فبدأ بذكر نعم الله على خلقه عند خلقه إياهم وتوكله بتدبير أمورهم وتقديرا لأقوات والمعايش لهم ولم يدع شيئا إلا ذكر في خطبته ثم أعلم الناس ما ابتلوا به من ضياع أمورهم وامحاء دينهم وفساد حالهم في أولادهم ومعايشهم وأعلمهم انه ناظر فيما يصلح ذلك ويحسمه وحث الناس على معاونته ثم أمر برؤس المزدكية فضربت أعناقهم وقسمت أموالهم في أهل الحاجة وقتل جماعة كثيرة ممن كان دخل على الناس في أموالهم ورد الأموال إلى أهلها وأمر بكل مولود اختلف فيه عنده أن يلحق بمن هو منهم إذا لم يعرف أبو ه وأن يعطى نصيبا من مال الرجل الذي يسند إليه إذا قبله الرجل وبكل امرأة غلبت على نفسها أن يؤخذ الغالب لها حتى يغرم لها مهرها وبرضى أهلها ثم تخير المرأة بين الإقامة عنده وبين تزويج من غيره إلا أن يكون كان لها زوج أول فترد إليه وأمر بكل من كان أضر برجل في ماله أو ركب أحدا بمظلمة أن يؤخذ منه الحق ثم يعاقب الظالم بعد ذلك بقدر جرمه وأمر بعيال ذوي الأحساب الذين مات قيمهم فكتب له فانكح بناتهم الأكفاء وجعل جهازهم من بيت المال وأنكح شبانهم من بيوتات الاشراف وساق عنهم وأغناهم وأمرهم بملازمة بابه ليستعان بهم في أعماله وخير نساء والده بين أن يقمن مع نسائه فيواسين ويصرن في الاجر إلى أمثالهن أو يبتغى لهن أكفاءهن من البعولة وأمر بكري الأنهار وحفر القنى واسلاف أصحاب العمارات وتقويتهم وأمر بإعادة كل جسر قطع أو قنطرة
(٥٢٧)