ومن أهل العلم بأنساب الفرس من يقول إن يزد جرد الأثيم هذا هو أخو بهرام الملقب بكرمان شاه وليس بابنه ويقول هو يزدجرد بن سابور ذي الأكتاف وممن نسبه هذا النسب وقال هذا القول هشام بن محمد وكان فيما ذكر فظا غليظا ذا عيوب كثيرة وكان من أشد غيوبه وأعظمها فيما قيل وضعه ذكاء ذهن وحسن أدب كان له وصنوفا من العلم قد مهرها وعلمها غير موضعه وكثرة رؤيته في الضار من الأمور واستعمال كل ما عنده من ذلك في المؤاربة والدهاء والمكايدة والمخاتلة مع فطنته كانت بجهات الشر وشدة عجبه بما عنده من ذلك واستخفافه بكل ما كان في أيدي الناس من علم وأدب واحتقاره له وقلة اعتداده به واستطالته على الناس بما عنده منه وكان مع ذلك غلقا سيئ الخلق ردئ الطعمة حتى بلغ من شدة غلقه وحدته أن الصغير من الزلات كان عنده كبيرا واليسير من السقطات عظيما ثم لم يقدر أحد وإن كان لطيف المنزلة منه أن يكون لمن ابتلى عنده بشئ من ذلك شفيعا وكان دهره كله للناس متهما ولم يكن يأتمن أحدا على شئ من الأشياء ولم يكن يكافئ على حسن البلاء وإن هو أولى الخسيس من العرف استجزل ذلك وإن جسر على كلامه في أمر كلمه فيه رجل لغيره قال له ما قدر جعالتك في هذا الامر الذي كلمتنا فيه وما أخذت عليه فلم يكن يكلمه في ذلك وما أشبهه إلا الوفود القادمون عليه من قبل ملوك الأمم وأن رعيته إنما سلموا من سطوته وبليته وما كان جمع من الخلال السيئة بتمسكهم بمن كان قبل مملكته بالسنن الصالحة وبأدبهم وكانوا لسوء أدبه ومخافة سطوته متواصلين متعاونين وكان من رأيه أن يعاقب كل من زل عنده وأذنب إليه من شدة العقوبة بما لا يستطاع أن يبلغ منه مثلها في مدة ثلثمائة وكان لذلك لا يقرعه بسوط انتظارا منه للمعاقبة له بما ليس وراءه أفظع منه وكان إذا بلغه أن أحدا من بطانته صافي رجلا من أهل صناعته أو طبقته نحاه عن خدمته وكان استوزر عند ولايته نرسي حكيم دهره وكان نرسي كاملا في أدبه فاضلا في جميع مذاهبه متقدما لأهل زمانه وكانوا يسمونه مهر نرسي ومهر نرسه ويلقب
(٤٩٧)