به قالوا له تلك الشجرة نبتت لذلك الساحر الذي أردت أن تعذبه بالجوع فهو فيما شاء قد شبع منها وأشبعت الفقيرة وشفى لها ابنها فأمر بالبيت فهدم وبالشجرة لتقطع فلما هموا بقطعها أيبسها الله تعالى كما كانت أول مرة فتركوها وأمر بجرجيس فبطح على وجهه وأوتد له أربعة أوتاد وأمر بعجل فأوقر أسطوانا ما حمل وجعل في أسفل العجل خناجر وشفارا ثم دعا بأربعين ثورا فنهضت بالعجل نهضة واحدة وجرجيس تحتها فتقطع ثلاث قطع ثم أمر بقطعة فأحرقت بالنار حتى إذا عادت رمادا بعث بذلك الرماد رجالا فذروه في البحر فلم يبرحوا مكانهم حتى سمعوا صوتا من السماء يقول يا بحر إن الله يأمرك أن تحفظ ما فيك من هذا الجسد الطيب فانى أريد أن أعيده كما كان ثم أرسل الله الرياح فأخرجته من البحر ثم جمعته حتى عاد الرماد صبرة كهيئته قبل أن يذروه والذين ذروه قيام لم يبرحوا ثم نظروا إلى الرماد يثور كما كان حتى خرج منه جرجيس مغبرا ينفض رأسه فرجعوا ورجع جرجيس معهم فلما انتهوا إلى الملك أخبروه خبر الصوت الذي أحياه والريح التي جمعته فقال له الملك هل لك يا جرجيس فيما هو خير لي ولك فلو لا أن يقول الناس أنك قهرتني وغلبتني لا تبعتك وآمنت بك ولكن اسجد لأفلون سجدة واحدة أو اذبح له شاة واحدة ثم أنا أفعل ما يسرك فلما سمع جرجيس هذا من قوله طمع أن يهلك الصنم حين يدخله عليه رجاء أن يؤمن له الملك حين يهلك صنمه ويأيس منه فخدعه جرجيس فقال نعم إذا شئت فأدخلني على صنمك أسجد له وأذبح له ففرح الملك بقوله فقام إليه فقبل يديه ورجليه ورأسه وقال إني أعزم عليك أن لا تظل هذا اليوم ولا تبيت هذه الليلة إلا في بيتي وعلى فراشي ومع أهلي حتى تستريح ويذهب عنك وصب العذاب فيرى الناس كرامتك على فأخلى له بيته وأخرج منه من كان فيه فظل فيه جرجيس حتى إذا أدركه الليل قام يصلى ويقرأ الزبور وكان أحسن الناس صوتا فلما سمعته امرأة الملك استجابت له ولم يشعر إلا وهي خلفه تبكى معه فدعاها جرجيس إلى الايمان فآمنت وأمرها فكتمت ايمانها فلما أصبح غدا به إلى بيت الأصنام ليسجد لها وقيل للعجوز التي كان سجن
(٤٧٣)