هذا جرجيس كلمتهم امرأة الملك وذلك حين كشفت لهم ايمانها وباينتهم بدينها وعددت عليهم أفعال جرجيس والعبر التي أراهم وقالت لهم ما تنتظرون من هذا الرجل إلا دعوة فيخسف بكم الأرض فتهلكوا كما هلكت أصنامكم الله الله أيها القوم في أنفسكم فقال لها الملك ويحا لك اسكندرة ما أسرع ما أضلك هذا الساحر في ليلة واحدة وأنا أقاسيه منذ سبع سنين فلم يطق منى شيئا قالت له أفما رأيت الله كيف يظفره بك ويسلطه عليك فيكون له الفلح والحجة عليك في كل موطن فأمر بها عند ذلك فحملت على خشبة جرجيس التي كان علق عليها فعلقت بها وجعلت عليها الأمشاط التي جعلت على جرجيس فلما ألمت وجع العذاب قالت ادع ربك يا جرجيس يخفف عنى فانى قد ألمت العذاب فقال انظري فوقك فلما نظرت ضحكت فقال لها ما الذي يضحكك قالت أرى ملكين فوقى معهما تاج من حلى الجنة ينتظران به روحي أن تخرج فإذا خرجت زيناها بذلك التاج ثم صعدا بها إلى الجنة فلما قبض الله روحها أقبل جرجيس على الدعاء فقال اللهم أنت الذي أكرمتني بهذا البلاء لتعطيني به فضائل الشهداء اللهم فهذا آخر أيامى الذي وعدتني فيه الراحة من بلاء الدنيا اللهم فانى أسألك أن لا تقبض روحي ولا أزول من مكاني هذا حتى ينزل بهذا القوم المتكبرين من سطواتك ونقمتك مالا قبل لهم به وما تشفى به صدري وتقر به عيني فإنهم ظلموني وعذبوني اللهم وأسألك أن لا يدعو بعدي داع في بلاء ولا كرب فيذكرني ويسألك باسمي إلا فرجت عنه ورحمته وأجبته وشفعتني فيه فلما فرغ من هذا الدعاء أمطر الله عليهم النار فلما احترقوا عمدوا إليه فضربوه بالسيوف غيظا من شدة الحريق ليعطيه الله تعالى بالقتلة الرابعة ما وعده فلما احترقت المدينة بجميع ما فيها وصارت رمادا حلها الله من وجه الأرض حتى أقلها ثم جعل عاليها سافلها فلبثت زمانا من الدهر يخرج من تحتها دخان منتن لا يشمه أحد إلا سقم سقما شديدا إلا أنها أسقام مختلفة لا يشبه بعضها بعضا فكان جميع من آمن بجرجيس وقتل معه أربعة وثلاثين ألفا وامرأة الملك رحمهم الله (ونرجع الآن) إلى ذكر الخبر عن
(٤٧٥)